عبادة الرحمن، وإقامة دينهم، وتقويم أمرهم- من استعداد [٣٦/أ] وغيره- وبذل النصيحة لهم، فليس فوق الإمام العادل إلاّ نبي مرسل، أو ملك مقرب.
فحقيق على الرعية: أن ترغب ١ إلى الله في إصلاح السلطان، وحقيق على السلطان: أن يحملهم على إقامة دينهم، وتقويم أمرهم- كما تقدّم في الفصل السابع- في شرح قوله: ﴿وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ ...﴾ - وكما قال تعالى: ﴿إِنَّ اللَّة يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَةلِةا﴾ ٢ فالخطاب: للولاة على أحد الاحتمالات بأداء الأمانات، أي: التكاليف التي كلّفوا بها في الرعية- من الحكم بالعدل- وتدبير أمرهم بما يعود عليهم نفعه- من استعداد وغيره ٣.
ثم قال تعالى- في حق الرعية-: ﴿يَا أَيُّةا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّة وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ﴾ ٤.
فإنه تعالى: لما أمر السلاطين والولاة بأداء الأمانات- من الحكم بالعدل- وتدبير الأمر- من الاستعداد وغيره- أمر الرعية: بالسمع والطاعة لهم، فكل منهما أمره سبحانه: أن يقوم بحق الآخر ٣.
١ - من رغب إليه: ابتهل وضرع وطلب. (المعجم الوسيط: ١/ ٣٥٧).
٢ - سورة النساء / آية ٥٨.
٣ - قال القرطبي: (هذه الآية من أمهات الأحكام تضمّنت جميع الدين والشرع. وقد اختلف من المخاطب بها، فقال على بن أبي طالب، وزيد بن أسلم، وشهر بن حوشب، وابن زيد: "هذا خطاب لولاة المسلمين خاصة، فهي للنبي ﷺ وأمرائه، ثم تتناول من بعدهم" وقال ابن جريج وغيره: "ذلك خطاب للنبي ﷺ خاصة في أمر مفتاح الكعبة حين أخذه من عثمان بن أبي طلحة".
ثم قال: (والأظهر في الآية أنها عامة في جميع الناس، فهي تتناول الولاة فيما إليهم من الأمانات في قسمة الأموال وردّ الظلامات والعدل من الحكومات- وهذا اختيار الطبري-، ليتتناول من دونهم من الناس في حفظ الودائع والتحرر في الشهادات وغير ذلك).
(الجامع لأحكام القرآن: ٥/ ٢٥٥ - ٢٥٦).
٤ - سورة النساء / آية ٥٩.
٥ - قال علي بن أبي طالب- ﵁: (حق على الإمام أن يحكم بالعدل ويؤدّي الأمانة فإذا فعل ذلك فحق على الرعية ان يسمعوا ويطيعوا).
(ابن عاشور- التحرير: ٥/ ٩٦، سورة النساء / آية ٥٩).