306

أجنحة المكر الثلاثة

أجنحة المكر الثلاثة

Yayıncı

دار القلم

Baskı

الثامنة

Yayın Yılı

١٤٢٠ هـ - ٢٠٠٠ م

Yayın Yeri

دمشق

Türler

وتجزئتها بأي ثمن، وتلتقي قوتاهما - على اختلافهما وتنازعهما - عند خط تجزئة المجتمع الإسلامي، تجزئة تهدم عوالم قوته وتماسكه.
(٦) هدم الخلافة الإسلامية
وفي خطة تحطيم وحدة المسلمين، وتجزئتهم إلى أجزاء متفرقة كثيرة، عملت جيوش الغزاة بكل ما لديها من وسائل معنوية ومادية، لهدم الخلافة الإسلامية، لأن هذه الخلافة - مهما كان شأنها - تمثل الحزام الذي يجمع المسلمين في شتى أقطار الأرض، أو الرمز السياسي الذي يجعلهم يلتقون التقاء ما تحت راية سياسية واحدة، وهذا الأمر يقض مضاجع الأعداء، وإن وصل به الضعف إلى أن غدا رمزًا ليس له أي سلطان فعلي.
وذلك لأن بقاء أمر الخلافة مقرونًا بالدوافع والمحرضات الدينية التي قد تحيي ما مات منه، وقد تعيده إلى بعض مراكز قوته الأصلية، مما تخشاه جيوش الغزاة خشية كبيرة، نظرًا إلى ما للشعوب المسلمة من وزن عظيم في العالم، تمثله أعدادهم البشرية، ورقعة الأرض التي يملكونها وما فيها من خيرات وكنوز كثيرة، وما لهم من تاريخ حضاري غابر، قد يحرك فيهم بواعث نهضة حضارية جديدة، تستطيع أن تنافس وتسابق الحضارة الغربية المادية الحديثة، فيما لو أطلقت أيديها المغلولة، مضافًا إليها سبقهم الحضاري العظيم في عقائدهم، وفي مفاهيمهم الأخلاقية، وفي أسس بناء أمتهم بناء متماسكًا متينًا، على أصول الحق والعدل والخير ونشدان الكمال، والبعد عن الباطل والظلم والشرب والرضى بالدنايا.
وظلت الخلافة الإسلامية رمزًا لوحدة المسلمين في أقطار الأرض، حتى عام (١٩٢٤م) وفي أوائل شهر آذار (مارس) ألغى "كمال أتاتورك" الخلافة الإسلامية العثمانية من تركيا، وكان ذلك في ظروف سياسية هيأت له الذرائع للقيام بهذا العمل الخطير.
ومن المعلوم أن الخلافة قد تم هدم مضمونها قبل ذلك، منذ نجحت

1 / 320