أحمد رياض
كلمة في الترجمة
الترجمة نقل كتابة أو كلام من لغة إلى أخرى، وشعارها الأول «الأمانة»، وهي إما عادية أو أدبية؛ ففي الأول يطلب فهم الأصل جيدا، ثم نقل معناه بدقة وعناية، وفي الثانية يزاد على هذا حفظ الأسلوب بملازمة الأصل.
وعلى ذلك، ففي الترجمة الصحيحة القيمة يجب أن يظهر الناقل روح المؤلف، وشكل كتابته وأسلوبه ومعناه جهد المستطاع؛ حتى تشبه ترجمته الأصل من كل الوجوه.
ولذا، فليس للمترجم أن يزيد من عنده قولا أو ينقص معنى، مما يبيحه لنفسه بعضهم ويسميه بالتصرف، ولا نجد له اسما في عرفنا إلا التقصير وخيانة المؤلف، كما في ترجمة بوب لهومر، وكما في ترجمة أكثر الكتب التي بين أيدينا في مصر، وهي جناية يجب الضرب من أجلها على يد المترجمين، وقد ضج منها كثير من الكتاب مثل دكتور صامويل جونسون، وغيره من رجال اللغات المفكرين.
تلك كلمة صغيرة في الترجمة، نرجو أن يتفهمها القارئ جيدا، ويتبين معناها قبل أن يطالع الكتاب ويحكم عليه.
المعرب
مقدمة عن حياة المؤلف
جوهان وولفجانج جيته، نابغة الألمان وشاعرهم الكبير، فحل عصره وعبقري زمانه. تمخضت به ألمانيا، فأهدت للعالم رجلا هو الفلسفة والشعر، هو العلم والفن، أو الحقيقة والخيال، بل هو العظمة والجمال. جاد به الدهر بعد أخيه شاكسبير، ومضى بين أفول النجم الأول وسطوع الثاني قرنان، هما من حياة أوروبا كالفترة ما بين غروب وشروق، أو بين مساء وصباح، وهو القائل فيه كارليل: «لا يذكرني رجل في العالم كله بشاكسبير إلا جيته، فهما فرسا رهان في النظر إلى الحقائق واكتناه البواطن.» حياته كحياة الزهرة كلها معان وجمال، أفاد العالم ردحا من الزمن، كما تعطر الزهرة النسائم وتبهج العيون، ثم عصفت به ريح الموت، فهوت زهرته الفياحة، وانهصر عوده اللدن ، خالد العمل ممجد الذكر.
ولد جيته بمدينة فرنكفورت، في الثامن والعشرين من شهر أغسطس عام 1749، من والد مثر عشاق للمال، عباد للسلطة، ظفر بوظيفة مستشار في حكومة بلاده، خشن الطبع جاف الفؤاد؛ وأم هي والأب على طرفي نقيض، موسيقية الطبع سامية الروح، فولد لها جيته صورة من نفسها، شاعرا بالفطرة، تواقا للفنون، فسعى إليها حتى ظفر ببغيته، ونبغ على أساتذته من مهرة الإسرائيليين بمسقط رأسه. ثم انتظم في سلك جامعة ليبزيج، وهناك شعر وفكر وأحب، ثلاثة هي الحياة. وتعلم الحفر ووقعت له - ولم يتم الحلقة الثانية - عشرون أغنية من نظمه بليبزيج. وفي عام 1770 يمم شطر ستراسبورج ليدرس الحقوق، وفي السنة التالية نال درجة «الدكتوراه»، ودرس العلوم الطبيعية، ورافق هردر
Bilinmeyen sayfa