قال: «أحسبك قادما من بلاد النوبة.»
قال: «كلا.»
ففهم الرئيس أنه يكتم شيئا لا يريد التصريح به فاستمهله ريثما يبعث إلى البطريرك. فمكث زكريا حتى عاد الرسول وقال: «إن غبطة البطريرك ليس في غرفته.»
فقال الرئيس: «كيف ذلك؟ ألم يتناول الفطور؟»
قال: «لم يأكل اليوم.»
فهز الرئيس رأسه أسفا وقال: «لم أر غبطته في قلق مثل هذا القلق منذ عرفته، سامح الله من سببه له.» قال ذلك وندم على ما قال. ثم ابتدر الرسول قائلا: «ابحث عن غبطته في القصر لعله هناك؛ فقد رأيته يكثر التردد على كنيسة مار ميخائيل هذين اليومين.»
فذهب الراهب الرسول وعاد يقول: «نعم إنه في القصر، وقد سألت الشماس كاتم أسراره، فأخبرني أنه في شاغل عن مقابلة الناس.»
فرأى زكريا أن يتولى أمره بيده، فوقف وقال للرئيس: «أنا ذاهب بنفسي أطلب المقابلة، فدع الشماس يهدني إلى الطريق.»
فأشار الرئيس إلى الراهب أن يمشي مع زكريا، ففعل، وخرجا من الدار، وأطلا على القصر الذي ذكرناه وهو أشبه بالأبراج منه بالقصور، وكان السلم منصوبا عليه فصعد الراهب وزكريا في أثره حتى وصلا إلى الطبقة العليا، فاستقبلهما الشماس وتصدى لهما ولسان حاله يقول: «ألم أقل إن غبطته مشغول؟»
فلما رآه زكريا عرفه وتذكر أنه التقى به مرارا في الفسطاط من قبل فتقدم إليه وحياه فلما سمع صوته عرفه فقال: «زكريا؟»
Bilinmeyen sayfa