وما لبث الأسقف أن دخل والراهبات يرحبن به. فعرج أولا على الكنيسة حيث صلى فيها صلاة مختصرة، ثم توجه إلى غرفة الرئيسة، فدخلها وفيها الرئيسة ودميانة. وأكبت دميانة على يده فقبلتها والتمست بركته ودعاءه فباركها وجلس على وسادة وأشار إلى دميانة أن تجلس، وقال للرئيسة: «أليست ضيفتكم دميانة بنت المعلم مرقس؟»
قالت الرئيسة: «نعم يا سيدي، هل تعرفها؟»
فسمعت دميانة اسمها وتعجبت وأطرقت حياء وإجلالا، فقال الأسقف «عرفتها بالأمس عندما كانت في كنيسة شبرا بدعوة من ولدنا إسطفانوس بن المعلم حنا كاتب صاحب الخراج، وقد أوصاني بها خيرا، وبالغ في الثناء على أبيها.»
فلما سمعت ذكر إسطفانوس انقلب سرورها كدرا وسكتت لا تبدي. فقال لها الأسقف: «ألم تكوني مساء الأمس في كنيسة شبرا يا ابنتي؟»
قالت - وقد صبغ الحياء وجهها: «نعم يا أبت، كنت هناك وحضرت القداس وتبركت بدعائك.»
قال: «ببركة القديسين والأبرار يا ابنتي. إني مسرور برؤيتك لفرط ما سمعته من الثناء على تعقلك وتقواك. هل تمكثين طويلا هنا؟»
قالت: «لا أدري ولو خيرت لقضيت عمري هنا.»
فتبسم الأسقف تبسما ذا معنى، وقال: «إن الأديار أفضل المنازل للمسيحيين؛ إذ يتفرغ فيها الإنسان لعبادة الخالق والقيام بفروض الدين، ولكنني لا أدري إذا كانوا يأذنون في بقائك هنا طويلا.»
فأشكل عليها مراده، واستغربت تصديه لهذا البحث عند أول مقابلة، ولكنها تجاهلت وقالت: «إذا كان أهل الدير يخرجونني منه فلا حيلة لي.»
قال: «لا أعني ذلك؛ فإن رئيسة الدير وراهباته يرحبن بك كثيرا، ولكنني أعني أباك المعلم مرقس. ما لنا ولهذا الآن دعينا من هذا الحديث حتى يأتي أبوك.»
Bilinmeyen sayfa