قال: «أظنك تعني الكنز الذي عثر عليه ابن طولون في الجبل، إن عثوره على الكنز سد كثيرا من حاجاته، فخفف المظالم عن الناس.»
قال أبو الحسن: «إن المال المذكور خفف الضرائب. أما محاسنته القبط وتقريبهم إليه فسببها رغبته في اكتساب الأحزاب لما قدمته من سوء ظنه بالعرب، فاتخذ القبط حزبا له وكذلك قل عن الشيعة؛ فإنه يرى في محاسنتهم سياسة ودهاء.»
قال مرقص: «فهو يبني القطائع إذن خوفا من مساكنة العرب بالفسطاط - ما شاء الله شيء جميل!»
فضحك أبو الحسن وقال: «والقبط يسكنون بابلون خوفا من العرب أيضا حتى أصبحت لهذه الديار الآن ثلاث عواصم: الفسطاط للعرب المسلمين والقطائع للأتراك المسلمين وبابلون للقبط.» •••
سكتوا جميعا هنيهة، ثم أراد مرقس أن يجامل ضيفه، ويسايره فلا يقطع الحديث، فقال لأبي الحسن: «أظن سعيدا ما زال في القطائع يعمل في جر المياه، ولو كان هنا لزارنا معك.»
فاستبشر أبو الحسن لفتح الحديث، فقال: «بل هو هنا، وقد جاء اليوم وأخبرني أنه فرغ من بناء العين وسيعود قريبا للاحتفال بجر الماء إليها وهو يتوقع من نجاحه تقدما كثيرا.»
فقال: «ولما لم يزرنا معك؟»
فسعل أبو الحسن ومسح لحيته بكمه استعدادا للحديث، وقال: «لم يأت؛ لأنه وصل الساعة وهو تعب على أن هناك أمرا آخر اغتنم وجود حبيبنا إسطفانوس هنا لأعرضه عليك.»
فتطاول الرجلان نحوه لسماع ما يقوله فوجه خطابه لمرقص وقال: «ولا تخفى عليك منزلة سعيد عندي فهو على كونه نصرانيا قد اتخذته صفيا لي، وأحببته كما يحب الوالد ولده وهو ماهر في الهندسة ولم يوجد في مصر كلها من استطاع الإقدام على بناء تلك العين سواه.»
فصادق مرقس وإسطفانوس على قوله بالرأس والعينين، فقال أبو الحسن يخاطب مرقص : «أظنك تعرف سعيدا كيف تراه؟»
Bilinmeyen sayfa