قالت: «نعم أبطأت فقد شعرت بحاجة إلى الصلاة والاعتراف فجئت إلى الكنيسة وطال وقوفي أمام صورة سيدتنا فغابت الشمس قبل خروجي واتفق مرور جارنا الشهم فترجل عن فرسه ومشي معي.»
فابتدرها زكريا قائلا: «فوجب علينا شكره على هذه الأريحية.»
والتفت إلى سعيد وقال: «أشكرك على تحملك هذه المشقة، فإذا شئت فاركب فرسك إلى منزلك وأنا أمشي في خدمة مولاتي إلى البيت، فإننا على مقربة منه.»
فنظرت دميانة فإذا هي بجانب بيت أبيها، ولم تكن تحسب أنها على مثل هذا القرب منه، فبغتت، وجعلت تصلح من شأنها وتهدئ روعها؛ لئلا يبدو حالها لأبيها. أما سعيد فودعها وربك فرسه وتحول إلى منزل أبي الحسن، وما زال يلتفت نحوها ويشير مودعا حتى توارت عن بصره. •••
مشت دميانة خطوات قليلة حتى رأت الأنوار في حديقة بيت أبيها، ووقع نظرها على ضفة النيل التي تليه، فرأت أنوارا عديدة لم تعهد مثلها هناك، فقالت: «ما هذه الأضواء التي أراها في النيل؟»
قال: «هذه سفينة المارداني صاحب الخراج وأهلها أضياف عندكم.»
فتذكرت أنها رأتها تجري في الماء أصيل ذلك اليوم فقالت: «ما لنا وللمارداني لا أذكر أنه يزورنا ولا أعرف وجهه، فما الذي أتى به اليوم؟»
قال: «إن السفينة للمارداني ولكنه هو لم يأت فيها.»
قالت: «من أتى بها إذن.» قال: «إسطفانوس ابن المعلم يوحنا كاتب المارداني، وهو صديق سيدي والدك، وقد جاء في هذه السفينة الفخمة مبالغة في الأبهة.»
فلما سمعت اسم إسطفانوس امتقع لونها ووقفت وقد جمد الدم في عروقها. ولم يجهل زكريا سبب المفاجأة، ولكنه تجاهل وقال: «هيا بنا يا سيدتي؛ فقد طال بأبيك انتظار قدومك.»
Bilinmeyen sayfa