Babamdan Hayaller: Bir Irk ve Miras Öyküsü
أحلام من أبي: قصة عرق وإرث
Türler
كان راي على حق، الأمور أصبحت معقدة. كان قد مر خمس سنوات على زيارة أبي، وكانت فترة هادئة، في الظاهر على الأقل، تميزها الطقوس والشعائر التي تتوقعها أمريكا من أبنائها؛ تقارير ترسل لعائلتي تخبرهم عن مستواي المتدني، واستدعاءات إلى مكتب الناظر، وعمل لنصف دوام في سلسلة مطاعم للهامبورجر، والإصابة بحب الشباب، واختبارات قيادة السيارات، والرغبات الجامحة. وأصبح لي عدد لا بأس به من الأصدقاء في المدرسة، وخرجت في مواعدات غريبة من حين لآخر؛ وإذا كانت الحيرة قد انتابتني في بعض الأحيان تجاه إعادة الترتيب الغامضة للمكانة التي تحدث بين رفاقي في الفصل - فبعضهم ترتفع مكانته وتتراجع مكانة الآخر اعتمادا على نزوات أجسادهم أو طراز سياراتهم - فإني شعرت بالارتياح لأن وضعي كان يتحسن بانتظام. ونادرا ما كنت أقابل فتية لدى أسرهم أقل مما لدى أسرتي حتى يذكروني بأني سعيد الحظ.
ولكن والدتي كانت تبذل قصارى جهدها لتذكرني بهذا. فقد انفصلت عن لولو وعادت إلى هاواي بعد وقت قصير من وصولي سعيا وراء الحصول على درجة الماجستير في علم الإنسان . ولثلاثة أعوام عشت معها ومع مايا في شقة صغيرة على بعد مجمع سكني واحد من بوناهو، وعشنا نحن الثلاثة على المنحة الدراسية التي تتلقاها والدتي. وفي بعض الأحيان، عندما كنت أحضر أصدقاء معي بعد انتهاء اليوم الدراسي، كانت أمي تسمعهم وهم يعلقون على نقص الطعام في الثلاجة أو الإدارة غير المتميزة لشئون المنزل، فكانت تنتحي بي جانبا وتخبرني أنها أم وحيدة عادت لصفوف الدراسة وترعى طفلين، ومن ثم فإن صنع البسكويت ليس على رأس قائمة أولوياتها، وفي حين أنها كانت تقدر التعليم المتميز الذي أتلقاه في بوناهو فإنها لم تكن تخطط لتحمل أي سلوك متعال مني أو من أي شخص آخر، فهل هذا مفهوم؟
وكان ذلك مفهوما لي، ورغم مطالبي المتكررة للاستقلال التي كنت أطلبها في بعض الأحيان بوجه عابس متجهم فقد ظللنا مقربين، وكنت أفعل ما بوسعي لمساعدتها قدر ما يمكنني؛ فأذهب للتسوق، وأغسل الملابس، وأعتني بأختي التي أصبحت طفلة ذكية سوداء العينين. لكن عندما أصبحت والدتي مستعدة للعودة إلى إندونيسيا للقيام بعملها الميداني، واقترحت أن أعود معها هي ومايا وألتحق بالمدرسة الدولية هناك، رفضت على الفور. فقد كانت تساورني الشكوك في ذلك الوقت حيال ما يمكن لإندونيسيا أن تقدمه لي، إلى جانب أني سئمت البدء من جديد مرة أخرى. والأهم من هذا هو أنني توصلت إلى معاهدة غير معلنة مع جدي فحواها أنه يمكنني الذهاب للعيش معهما وهما سيتركانني وشأني ما دمت أبقي مشكلاتي بعيدا عنهما. وكان ذلك الاتفاق يناسب هدفي، وهو الهدف الذي كنت أحدده لنفسي بشق الأنفس، ناهيك عن توضيحه لهما. وبعيدا عن والدتي وجدي كنت أمر بصراع داخلي لا يهدأ. فكنت أحاول أن أعد نفسي لأكون رجلا أسود في أمريكا، وفيما عدا مظهري، لم يبد أن أحدا ممن حولي يعرف بالضبط ماذا يعني هذا.
ولم تقدم لي خطابات أبي سوى بعض الخيوط التي يمكنني تتبعها. وكانت تصل على فترات متقطعة في صفحة زرقاء واحدة ويكون لسان ظرف الرسالة مطويا بمادة لاصقة تجعل أي كتابات على الهوامش غير واضحة. كان يقول في خطاباته إن الجميع بخير، ويمتدح تقدمي في دراستي، ويؤكد أنه يرحب بي وبوالدتي وبمايا أن نحصل على المكان الجدير بنا إلى جواره وقتما نريد ذلك. ومن آن لآخر كان يسدي لي بعض النصائح عادة في شكل حكمة لم أكن أفهمها بوضوح (مثل «مثلما يصل الماء إلى منسوبه فإنك ستصل إلى المهنة التي تناسبك.») وكنت أرد على خطاباته على الفور في صفحة عريضة مسطرة، وتشق خطاباته طريقها إلى الخزانة بجانب الصور التي تحتفظ بها أمي له.
وكان لدى جدي عدد من الأصدقاء السود هم في الأغلب زملاء له في لعبتي البوكر والبريدج، وقبل أن أكبر بما يكفي لئلا أهتم بأن أجرح مشاعره كنت أتركه يجرني معه إلى واحدة من ألعابهم. كانوا رجالا متقدمين في السن يرتدون ملابس أنيقة وأصواتهم جشة وملابسهم ينبعث منها رائحة السيجار؛ أي نوع الرجال الذين في نظرهم كل شيء له مكانه المحدد، والذين يظنون أنهم رأوا ما يكفي حتى إنه لا يجب إضاعة الكثير من وقتهم بالحديث عنه. وكلما رأوني ربتوا على ظهري بمرح وسألوني عن حال أمي، ولكن ما إن يحين وقت اللعب لا يتفوهون بشيء سوى الشكوى لشركائهم في اللعب من النقاط التي توقعوا أن يحصلوا عليها.
كان هناك استثناء، وهو شاعر اسمه فرانك، يعيش في منزل خرب في جزء من وايكيكي حالته متدهورة. وقد طاردته سمعة سيئة لبعض الوقت، وكان معاصرا لريتشارد رايت ولانجستون هيوز في السنوات التي قضاها في شيكاغو، وقد أراني جدي ذات مرة بعضا من أعماله اختيرت لتنشر في ديوان من دواوين حركة الشعر الأسود. ولكن في الوقت الذي قابلت فيه فرانك كان يناهز الثمانين من عمره وله وجه ضخم به لغد، وشعر أفريقي طويل مجعد رمادي اللون وغير ممشط مما جعله يشبه أسدا عجوزا أشعث الشعر. وكلما مررنا بمنزله قرأ لنا قصائده واحتسى مع جدي الويسكي الموضوع في برطمان مفرغ لهذا الغرض. وبعد انقضاء الليل يستجدي كلاهما مساعدتي في تأليف قصائد فكاهية خماسية الأبيات لا قيمة أدبية لها. وفي النهاية يتحول الحوار إلى الانتحاب على النساء.
وكان فرانك يقول لي بجدية: «إنهن سيقدنك إلى احتساء الخمر يا فتى.» ويتابع: «وإذا سمحت لهن بذلك فسيهلكنك.»
أسرتني شخصية فرانك العجوز، بكتبه ورائحة الويسكي التي تنبعث من أنفاسه، والإشارة إلى المعرفة التي اكتسبها بشق الأنفس التي أراها خلف عينيه الغليظتي الجفنين وتبدو شبه مغمضة. ودائما ما كانت الزيارات إلى منزله تتركني أشعر بعدم الارتياح بصورة غامضة، وكأني كنت أشهد صفقة تجارية غير معلنة ومعقدة بين الرجلين، صفقة لم أستطع فهمها بالكامل. وكلما اصطحبني جدي إلى وسط المدينة إلى إحدى حاناته المفضلة الموجودة في حي الدعارة في مدينة هونولولو انتابني الشعور نفسه.
وكان يقول لي وهو يغمز بعينه: «لا تخبر جدتك»، وكنا نمر أمام فتيات ليل ناعمات الجسد جامدات الملامح قبل الوصول إلى حانة صغيرة مظلمة بها جهاز فونوغراف آلي يعمل بالعملة وطاولتان للعب البلياردو. ولم يبد أن أحدا اهتم بأن جدي هو الرجل الأبيض الوحيد في المكان، أو أنني لم أكن إلا في الحادية عشرة أو الثانية عشرة من عمري. وكان بعض الرجال يتكئون على بار الحانة ويلوحون ناحيتنا، وأحضرت ساقية الحانة - وهي سيدة ضخمة فاتحة البشرة لها ذراعان ممتلئتان عاريتان - شراب الويسكي من نوع سكوتش لجدي وأحضرت كوكاكولا لي. وعندما تكون الطاولة خالية يعطيني جدي بعض الكرات ويعلمني اللعبة، لكني عادة كنت أجلس إلى البار وساقاي تتدليان من على الكرسي العالي، وأنفخ الفقاقيع في شرابي وأنظر إلى الرسوم الإباحية المعلقة على الحوائط؛ رأيت نساء براقات وهن يرتدين جلود الحيوانات، وشخصيات ديزني في أوضاع فاضحة. وعندما يكون رودني - وهو رجل يرتدي قبعة عريضة الحواف - موجودا هناك يتوقف إلى جانبي ليرحب بي: «كيف يسير حال الدراسة أيها القائد؟» «بخير.» «إنك تحصل على امتياز، أليس كذلك؟» «في بعض المواد.»
وكان يقول وهو يخرج 20 دولارا من بين كومة سميكة من النقود أخرجها من جيبه: «هذا أمر رائع، يا سالي، قدمي لهذا الرجل كوبا آخر من الكوكاكولا» ثم يختفي في الظلام .
Bilinmeyen sayfa