307

Kur'an Hükümleri

أحكام القرآن لابن العربي

Yayıncı

دار الكتب العلمية

Baskı Numarası

الثالثة

Yayın Yılı

١٤٢٤ هـ - ٢٠٠٣ م

Yayın Yeri

بيروت - لبنان

وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ هَذِهِ الْمُحَرَّمَاتِ الثَّلَاثَ تَجْرِي مَجْرًى وَاحِدًا فِي كَوْنِهَا بِاحْتِرَامِهَا حَقًّا لِلْآدَمِيِّ، وَقَدْ بَيَّنَّا ذَلِكَ فِي مَسَائِلِ الْخِلَافِ، فَلْيُنْظَرْ هُنَالِكَ.
[الْآيَة الْحَادِيَة وَالثَّمَانُونَ قَوْله تَعَالَى وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي]
﴾ [البقرة: ٢٤٩]
فِيهَا مَسْأَلَتَانِ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: إنَّ الْمَاءَ طَعَامٌ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ﴾ [البقرة: ٢٤٩] وَإِذَا كَانَ طَعَامًا كَانَ قُوتًا لِبَقَائِهِ وَاقْتِيَاتِ الْبَدَنِ بِهِ؛ فَوَجَبَ أَنْ يَجْرِيَ فِيهِ الرِّبَا، وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ؛ وَلِمَ لَا يَجْرِي فِيهِ الرِّبَا وَهُوَ أَجَلُّ الْأَقْوَاتِ، وَإِنَّمَا هَانَ لِعُمُومِ وُجُودِهِ، وَإِنَّمَا عَمَّمَ اللَّهُ تَعَالَى وُجُودَهُ بِفَضْلِهِ؛ لِعَظِيمِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ، وَمِنْ شَرَفِهِ عَلَى سَائِرِ الْأَطْعِمَةِ أَنَّهُ مُهَيَّأٌ مَخْلُوقٌ عَلَى صِفَةٍ لَا صَنْعَةَ لِأَحَدٍ فِيهَا لَا أَوَّلًا وَلَا آخِرًا.
[مَسْأَلَةٌ الْفَرْقُ بَيْنَ الْكَرْعِ فِي النَّهْرِ وَبَيْنَ الشُّرْبِ بِالْيَدِ]
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: مَنْ قَالَ: إنْ شَرِبَ عَبْدِي مِنْ الْفُرَاتِ فَهُوَ حُرٌّ؛ فَلَا يُعْتَقُ إلَّا أَنْ يَكْرَعَ فِيهِ؛ فَإِنْ شَرِبَ بِيَدِهِ أَوْ اغْتَرَفَ بِإِنَاءٍ مِنْهُ لَمْ يُعْتَقْ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى فَرَّقَ بَيْنَ الْكَرْعِ فِي النَّهْرِ وَبَيْنَ الشُّرْبِ بِالْيَدِ.
وَهَذَا فَاسِدٌ؛ فَإِذَا أَجْرَيْنَا الْأَيْمَانَ عَلَى الْأَلْفَاظِ، وَقُلْنَا بِهِ مَعَهُمْ؛ لِأَنَّ شُرْبَ الْمَاءِ يَنْطَلِقُ عَلَى كُلِّ هَيْئَةٍ وَصِفَةٍ فِي لِسَانِ الْعَرَبِ مِنْ غَرْفٍ بِالْيَدِ أَوْ كَرْعٍ بِالْفَمِ انْطِلَاقًا وَاحِدًا، فَإِذَا وُجِدَ الشُّرْبُ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ لُغَةً وَحَقِيقَةً حَنِثَ فَاعِلُهُ.

1 / 309