Kur'an Hükümleri
أحكام القرآن لابن العربي
Yayıncı
دار الكتب العلمية
Baskı Numarası
الثالثة
Yayın Yılı
١٤٢٤ هـ - ٢٠٠٣ م
Yayın Yeri
بيروت - لبنان
[مَسْأَلَةٌ قَوْله تَعَالَى فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ]
الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ: قَوْله تَعَالَى: ﴿فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ﴾ [البقرة: ١٩٧]: الْمَعْنَى الْتَزَمَهُ بِالشُّرُوعِ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ فَرَضَ عَلَيْهِ بِالنِّيَّةِ قَصْدًا بَاطِنًا، وَبِالْإِحْرَامِ فِعْلًا ظَاهِرًا، وَبِالتَّلْبِيَةِ نُطْقًا مَسْمُوعًا؛ قَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ، وَأَبُو حَنِيفَةَ فِي التَّلْبِيَةِ.
وَقَدْ بَيَّنَّا فِي مَسَائِلِ الْخِلَافِ أَنَّ النِّيَّةَ تَكْفِي بَاطِنًا فِي الْتِزَامِهِ عَنْ فِعْلٍ أَوْ نُطْقٍ، وَقَدْ قَالَ جَمَاعَةٌ كَمَا قَدَّمْنَا مِنْهُمْ الشَّافِعِيُّ: إنَّ هَذَا الْقَوْلَ يَقْتَضِي اخْتِصَاصَ الْإِحْرَامِ بِهَذِهِ الْأَشْهُرِ، فَلَا يُقَدَّمُ عَلَيْهَا، وَأَبَاهُ أَبُو حَنِيفَةَ وَمَالِكٌ. وَالْمَسْأَلَةُ مُشْكِلَةٌ مُعْضِلَةٌ، وَقَدْ اسْتَوْفَيْنَا الْبَيَانَ فِيهَا، وَأَوْضَحْنَا لُبَابَهُ فِي كِتَابِ التَّلْخِيصِ، وَأَنَّ الْقَوْلَ فِيهَا دَائِرٌ مِنْ قِبَلِ الشَّافِعِيِّ عَلَى أَنَّ الْإِحْرَامَ رُكْنٌ مِنْ الْحَجِّ مُخْتَصٌّ بِزَمَانِهِ، وَمُعَوَّلُنَا عَلَى أَنَّهُ شَرْطٌ فَيُقَدَّمُ عَلَيْهِ، وَهُنَاكَ تَبَيَّنَ التَّرْجِيحُ بَيْنَ النَّظَرَيْنِ، وَظَهَرَ أَوْلَى التَّأْوِيلَيْنِ فِي الْآيَةِ مِنْ الْقَوْلَيْنِ.
[مَسْأَلَةٌ قَوْله تَعَالَى فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ]
الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ: قَوْله تَعَالَى: ﴿فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ﴾ [البقرة: ١٩٧]: الرَّفَثُ: كُلُّ قَوْلٍ يَتَعَلَّقُ بِذِكْرِ النِّسَاءِ؛ يُقَالُ: رَفَثَ يَرْفُثُ بِكَسْرِ الْفَاءِ وَضَمِّهَا. وَقَدْ يُطْلَقُ عَلَى الْفِعْلِ مِنْ الْجِمَاعِ وَالْمُبَاشَرَةِ؛ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ﴾ [البقرة: ١٨٧]. وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ وَابْنُ عَبَّاسٍ يَرَيَانِ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَمْتَنِعُ إلَّا إذَا رُوجِعَ بِهِ النِّسَاءُ، وَأَمَّا إذَا ذَكَرَهُ الرَّجُلُ مُفْرِدًا عَنْهُنَّ لَمْ يَدْخُلْ فِي النَّهْيِ.
وَفِيهِ نَظَرٌ؛ فَإِنَّ الْحَجَّ مُنِعَ فِيهِ مِنْ التَّلَفُّظِ بِالنِّكَاحِ، وَهِيَ كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ، فَكَيْفَ بِالِاسْتِرْسَالِ عَلَى الْقَوْلِ يُذْكَرُ كُلُّهُ، وَهَذِهِ بَدِيعَةٌ.
الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ: قَوْله تَعَالَى: ﴿فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ﴾ [البقرة: ١٩٧]: أَرَادَ نَفْيَهُ مَشْرُوعًا لَا مَوْجُودًا، فَإِنَّا نَجِدُ الرَّفَثَ فِيهِ وَنُشَاهِدُهُ.
وَخَبَرُ اللَّهِ ﷾ لَا يَجُوزُ أَنْ يَقَعَ بِخِلَافِ مُخْبِرِهِ، فَإِنَّمَا يَرْجِعُ النَّفْيُ إلَى وُجُودِهِ مَشْرُوعًا لَا إلَى وُجُودِهِ مَحْسُوسًا، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ﴾ [البقرة: ٢٢٨].
1 / 188