Kur'an Hükümleri
أحكام القرآن لابن العربي
Yayıncı
دار الكتب العلمية
Baskı Numarası
الثالثة
Yayın Yılı
١٤٢٤ هـ - ٢٠٠٣ م
Yayın Yeri
بيروت - لبنان
وَفِي الصَّحِيحِ «أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ جَعَلَ الصَّدَقَةَ عَلَى الْقَرَابَةِ صَدَقَةً وَصِلَةً»
وَأَمَّا مَنْ قَالَ: إنَّهُ صَدَقَةُ التَّطَوُّعِ فَنَظَرَ إلَى أَنَّ الزَّكَاةَ لَا تَأْتِي إلَّا بِلَفْظِهَا الْمُخْتَصِّ بِهَا، وَهُوَ الزَّكَاةُ، فَإِذَا جَاءَتْ بِلَفْظِ الصَّدَقَةِ احْتَمَلَتْ الْفَرْضَ وَالتَّطَوُّعَ، وَإِذَا جَاءَتْ بِلَفْظِ الْإِنْفَاقِ لَمْ يَكُنْ إلَّا التَّطَوُّعُ.
وَأَمَّا مَنْ قَالَ: إنَّهُ فِي الْحُقُوقِ الْعَارِضَةِ فِي الْأَمْوَالِ مَا عَدَا الزَّكَاةَ فَنَظَرَ إلَى أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمَّا قَرَنَهُ بِالصَّلَاةِ كَانَ فَرْضًا، وَلَمَّا عَدَلَ عَنْ لَفْظِهَا كَانَ فَرْضًا سِوَاهَا.
وَأَمَّا مَنْ قَالَ: إنَّهُ مَنْسُوخٌ فَنَظَرَ إلَى أَنَّهُ لَمَّا كَانَ بِهَذَا الْوَجْهِ فَرْضًا سِوَى الزَّكَاةِ، وَجَاءَتْ الزَّكَاةُ الْمَفْرُوضَةُ فَنَسَخَتْ كُلَّ صَدَقَةٍ جَاءَتْ فِي الْقُرْآنِ، كَمَا نَسَخَ صَوْمُ رَمَضَانَ كُلَّ صَوْمٍ، وَنَسَخَتْ الصَّلَاةُ كُلَّ صَلَاةٍ.
وَنَحْوُ هَذَا جَاءَ فِي الْأَثَرِ التَّنْقِيحُ: إذَا تَأَمَّلَ اللَّبِيبُ الْمُنْصِفُ هَذِهِ التَّوْجِيهَاتِ تَحَقَّقَ أَنَّ الصَّحِيحَ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ: ﴿يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ﴾ [البقرة: ٣]: كُلُّ غَيْبٍ أَخْبَرَ بِهِ الرَّسُولُ ﷺ أَنَّهُ كَائِنٌ، وَقَوْلُهُ: ﴿وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ﴾ [البقرة: ٣]: عَامٌّ فِي كُلِّ صَلَاةٍ فَرْضًا كَانَتْ أَوْ نَفْلًا.
وَقَوْلُهُ: ﴿وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ﴾ [البقرة: ٣] عَامٌّ فِي كُلِّ نَفَقَةٍ، وَلَيْسَ فِي قُوَّةِ هَذَا الْكَلَامِ الْقَضَاءُ بِفَرْضِيَّةِ ذَلِكَ كُلِّهِ، وَإِنَّمَا عَلِمْنَا الْفَرْضِيَّةَ فِي الْإِيمَانِ وَالصَّلَاةِ وَالنَّفَقَةِ مِنْ دَلِيلٍ آخَرَ، وَهَذَا الْقَوْلُ بِمُطْلَقِهِ يَقْتَضِي مَدْحَ ذَلِكَ كُلِّهِ خَاصَّةً كَيْفَمَا كَانَتْ صِفَتُهُ.
1 / 19