Kur'an Hükümleri

Al-Jassas d. 370 AH
92

Kur'an Hükümleri

أحكام القرآن

Araştırmacı

محمد صادق القمحاوي - عضو لجنة مراجعة المصاحف بالأزهر الشريف

Yayıncı

دار إحياء التراث العربي

Yayın Yeri

بيروت

طائِفٌ مِنْ رَبِّكَ] وقوله [إِذا مَسَّهُمْ طائِفٌ مِنَ الشَّيْطانِ] قِيلَ لَهُ إنَّهُ وَإِنْ أَرَادَ ذَلِكَ فَالطَّوَافُ مُرَادٌ لَا مَحَالَةَ لِأَنَّ الطَّارِئَ إنَّمَا يَقْصِدُهُ لِلطَّوَافِ فَجَعَلَهُ هُوَ خَاصًّا فِي بَعْضِهِمْ دُونَ بَعْضٍ وَهَذَا لَا دَلَالَةَ لَهُ فِيهِ فَالْوَاجِبُ إذَا حَمَلَهُ عَلَى فِعْلِ الطَّوَافِ فَيَكُونُ قَوْلُهُ وَالْعَاكِفِينَ مَنْ يَعْتَكِفُ فِيهِ وَهَذَا يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا الِاعْتِكَافُ الْمَذْكُورُ فِي قَوْلِهِ [وَأَنْتُمْ عاكِفُونَ فِي الْمَساجِدِ] فخص البيت في هذا الموضع الْآخَرُ الْمُقِيمُونَ بِمَكَّةَ اللَّائِذُونَ بِهِ إذَا كَانَ الِاعْتِكَافُ هُوَ اللُّبْثُ وَقِيلَ فِي الْعَاكِفِينَ الْمُجَاوِرُونَ وَقِيلَ أَهْلُ مَكَّةَ وَذَلِكَ كُلُّهُ يَرْجِعُ إلَى مَعْنَى اللُّبْثِ وَالْإِقَامَةِ فِي الْمَوْضِعِ قَالَ أَبُو بكر هو عَلَى قَوْلِ مَنْ تَأَوَّلَ قَوْلَهُ الطَّائِفِينَ عَلَى الْغُرَبَاءِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الطَّوَافَ لِلْغُرَبَاءِ أَفْضَلُ مِنْ الصَّلَاةِ وَذَلِكَ لِأَنَّ قَوْلَهُ ذَلِكَ قَدْ أفاد لا محالة الطواف للغرباء إذا كَانُوا إنَّمَا يَقْصِدُونَهُ لِلطَّوَافِ وَأَفَادَ جَوَازَ الِاعْتِكَافِ فيه بقوله والعاكفين وَأَفَادَ فِعْلَ الصَّلَاةِ فِيهِ أَيْضًا وَبِحَضْرَتِهِ فَخَصَّ الْغُرَبَاءَ بِالطَّوَافِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ فِعْلَ الطَّوَافِ لِلْغُرَبَاءِ أَفْضَلُ مِنْ فِعْلِ الصَّلَاةِ وَالِاعْتِكَافِ الَّذِي هو اللبث مِنْ غَيْرِ طَوَافٍ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٍ وَعَطَاءٍ أَنَّ الطَّوَافَ لِأَهْلِ الْأَمْصَارِ أَفْضَلُ وَالصَّلَاةَ لِأَهْلِ مَكَّةَ أَفْضَلُ فَتَضَمَّنَتْ الْآيَةُ مَعَانِيَ مِنْهَا فِعْلُ الطَّوَافِ فِي الْبَيْتِ وَهُوَ قُرْبَةٌ إلَى اللَّهِ تَعَالَى يَسْتَحِقُّ فَاعِلُهُ الثَّوَابَ وَأَنَّهُ لِلْغُرَبَاءِ أَفْضَلُ مِنْ الصَّلَاةِ وَفِعْلُ الِاعْتِكَافِ في البيت وبحضرته بقوله والعاكفين وَقَدْ دَلَّ أَيْضًا عَلَى جَوَازِ الصَّلَاةِ فِي الْبَيْتِ فَرْضًا كَانَتْ أَوْ نَفْلًا إذْ لَمْ تُفَرِّقَ الْآيَةُ بَيْنَ شَيْءٍ مِنْهَا وَهُوَ خِلَافُ قَوْلِ مَالِكٍ فِي امْتِنَاعِهِ مِنْ جَوَازِ فِعْلِ الصَّلَاةِ الْمَفْرُوضَةِ فِي الْبَيْتِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ صَلَّى فِي الْبَيْتِ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ فَتِلْكَ الصَّلَاةُ لَا مَحَالَةَ كَانَتْ تَطَوُّعًا لِأَنَّهُ صَلَّاهَا حِينَ دَخَلَ ضُحَى وَلَمْ يَكُنْ وَقْتَ صَلَاةٍ وَقَدْ دَلَّ أَيْضًا عَلَى جَوَازِ الْجِوَارِ بِمَكَّةَ لِأَنَّ قوله والعاكفين يَحْتَمِلُهُ إذَا كَانَ اسْمًا لِلُّبْثِ وَقَدْ يَكُونُ ذَلِكَ مِنْ الْمَجَازِ عَلَى أَنَّ عَطَاءً وَغَيْرَهُ قَدْ تَأَوَّلَهُ عَلَى الْمُجَاوِرِينَ وَدَلَّ أَيْضًا عَلَى أَنَّ الطَّوَافَ قَبْلَ الصَّلَاةُ لِمَا تَأَوَّلَهُ عَلَيْهِ ابْنُ عَبَّاسٍ عَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ فَإِنْ قِيلَ لَيْسَ فِي تَقْدِيمِ الطَّوَافِ عَلَى الصَّلَاةِ فِي اللَّفْظِ دَلَالَةٌ عَلَى التَّرْتِيبِ لِأَنَّ الْوَاوَ لَا تُوجِبُهُ قِيلَ لَهُ قَدْ اقْتَضَى اللَّفْظُ فِعْلَ الطَّوَافِ وَالصَّلَاةِ جَمِيعًا وَإِذَا ثَبَتَ طَوَافٌ مَعَ صَلَاةٍ فَالطَّوَافِ لَا مَحَالَةَ مُقَدَّمٌ عَلَيْهَا مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا فِعْلُ النَّبِيِّ ﷺ وَالثَّانِي اتِّفَاقُ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى تَقْدِيمِهِ عَلَيْهَا فَإِنْ اعْتَرَضَ مُعْتَرِضٌ عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنْ دَلَالَةِ الْآيَةِ عَلَى جَوَازِ فِعْلِ الصَّلَاةِ فِي الْبَيْتِ وَزَعَمَ أَنَّهُ لَا دَلَالَةَ

1 / 94