58

Kur'an Hükümleri

أحكام القرآن

Araştırmacı

محمد صادق القمحاوي - عضو لجنة مراجعة المصاحف بالأزهر الشريف

Yayıncı

دار إحياء التراث العربي

Yayın Yeri

بيروت

بِالْقَدَحِ فَتَقَطَّعَ الْحَجَرُ قِطْعَةً قِطْعَةً فَغَرِقَتْ السَّاحِرَةُ فَيُصَدِّقُونَهُ وَمَنْ صَدَّقَ هَذَا فَلَيْسَ يَعْرِفُ النُّبُوَّةَ ولا يأمن أَنْ تَكُونَ مُعْجِزَاتُ الْأَنْبِيَاءِ ﵈ مِنْ هَذَا النَّوْعِ وَأَنَّهُمْ كَانُوا سَحَرَةً وَقَالَ اللَّهُ تعالى [وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتى] وَقَدْ أَجَازُوا مِنْ فِعْلِ السَّاحِرِ مَا هُوَ أَطَمُّ مِنْ هَذَا وَأَفْظَعُ وَذَلِكَ أَنَّهُمْ زَعَمُوا أَنَّ النَّبِيَّ ﵇ سُحِرَ وَأَنَّ السِّحْرَ عَمِلَ فِيهِ حَتَّى قَالَ فِيهِ إنَّهُ يُتَخَيَّلُ لِي أَنِّي أَقُولُ الشَّيْءَ وَأَفْعَلُهُ وَلَمْ أَقُلْهُ وَلَمْ أَفْعَلْهُ وَأَنَّ امْرَأَةً يَهُودِيَّةً سَحَرْته فِي جُفِّ طَلْعَةٍ وَمُشْطٍ وَمُشَاقَةٍ حَتَّى أَتَاهُ جِبْرِيلُ ﵇ فَأَخْبَرَهُ أَنَّهَا سَحَرَتْهُ فِي جُفِّ طَلْعَةٍ وَهُوَ تَحْتَ رَاعُوفَةِ الْبِئْرِ فَاسْتُخْرِجَ وَزَالَ عَنْ النَّبِيِّ ﵇ ذَلِكَ الْعَارِضُ وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى مُكَذِّبًا لِلْكُفَّارِ فِيمَا ادَّعَوْهُ من ذَلِكَ النَّبِيَّ ﷺ فَقَالَ جَلَّ مِنْ قَائِلٍ [وَقالَ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَسْحُورًا] ومثل هذه الأخبار من وضع الملحدين تعليا بالحشوا الطَّغَامِ وَاسْتِجْرَارًا لَهُمْ إلَى الْقَوْلِ بِإِبْطَالِ مُعْجِزَاتِ الْأَنْبِيَاءِ ﵈ وَالْقَدْحِ فِيهَا وَأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ مُعْجِزَات الْأَنْبِيَاءِ وَفِعْلِ السَّحَرَةِ وَأَنَّ جَمِيعَهُ مِنْ نَوْعٍ وَاحِدٍ وَالْعَجَبُ مِمَّنْ يَجْمَعُ بَيْنَ تَصْدِيقِ الْأَنْبِيَاءِ ﵈ وَإِثْبَاتِ مُعْجِزَاتِهِمْ وَبَيْنَ التَّصْدِيقِ بِمِثْلِ هَذَا مِنْ فِعْلِ السَّحَرَةِ مَعَ قَوْله تَعَالَى [وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتى] فَصَدَّقَ هَؤُلَاءِ مَنْ كَذَّبَهُ اللَّهُ وَأَخْبَرَ بِبُطْلَانِ دَعْوَاهُ وَانْتِحَالِهِ وَجَائِزٌ أَنْ تَكُونَ الْمَرْأَةُ الْيَهُودِيَّةُ بِجَهْلِهَا فَعَلَتْ ذَلِكَ ظَنًّا مِنْهَا بِأَنَّ ذَلِكَ يَعْمَلُ فِي الْأَجْسَادِ وَقَصَدَتْ بِهِ النَّبِيَّ ﵇ فَأَطْلَعَ اللَّهُ نَبِيَّهُ عَلَى مَوْضِعِ سِرِّهَا وَأَظْهَرَ جَهْلَهَا فِيمَا ارْتَكَبَتْ وَظَنَّتْ لِيَكُونَ ذَلِكَ من دلائل نبوته لا أن ذَلِكَ ضَرَّهُ وَخَلَطَ عَلَيْهِ أَمْرَهُ وَلَمْ يَقُلْ كُلُّ الرُّوَاةِ إنَّهُ اخْتَلَطَ عَلَيْهِ أَمْرُهُ وَإِنَّمَا هَذَا اللَّفْظُ زِيدَ فِي الْحَدِيثِ وَلَا أَصْلَ لَهُ وَالْفَرْقُ بَيْنَ مُعْجِزَاتِ الْأَنْبِيَاءِ وَبَيْنَ مَا ذَكَرْنَا مِنْ وُجُوهِ التَّخْيِيلَاتِ أَنَّ مُعْجِزَاتِ الْأَنْبِيَاءِ ﵈ هِيَ عَلَى حَقَائِقِهَا وَبَوَاطِنُهَا كَظَوَاهِرِهَا وَكُلَّمَا تَأَمَّلْتهَا ازْدَدْت بَصِيرَةً فِي صِحَّتِهَا وَلَوْ جَهَدَ الْخَلْقُ كُلُّهُمْ عَلَى مُضَاهَاتِهَا وَمُقَابِلَتِهَا بِأَمْثَالِهَا ظَهَرَ عَجْزُهُمْ عَنْهَا وَمَخَارِيقُ السَّحَرَةِ وَتَخْيِيلَاتُهُمْ إنَّمَا هِيَ ضَرْبٌ مِنْ الْحِيلَةِ وَالتَّلَطُّفِ لِإِظْهَارِ أُمُورٍ لَا حَقِيقَةَ لَهَا وَمَا يَظْهَرُ مِنْهَا عَلَى غَيْرِ حَقِيقَتِهَا يُعْرَفُ ذَلِكَ بِالتَّأَمُّلِ وَالْبَحْثِ وَمَتَى شاء شَاءَ أَنْ يَتَعَلَّمَ ذَلِكَ بَلَغَ فِيهِ مَبْلَغَ غَيْرِهِ وَيَأْتِي بِمِثْلِ مَا أَظْهَرَهُ سِوَاهُ قَالَ أَبُو بَكْرٍ قَدْ ذَكَرْنَا فِي مَعْنَى السِّحْرِ وَحَقِيقَتِهِ مَا يَقِفُ النَّاظِرُ عَلَى جُمْلَتِهِ وَطَرِيقَتِهِ وَلَوْ اسْتَقْصَيْنَا ذَلِكَ مِنْ وُجُوهِ الْحِيَلِ لَطَالَ وَاحْتَجْنَا إلَى اسْتِئْنَافِ كِتَابٍ لِذَلِكَ وَإِنَّمَا الْغَرَضُ

1 / 60