235

Kur'an Hükümleri

أحكام القرآن

Araştırmacı

محمد صادق القمحاوي - عضو لجنة مراجعة المصاحف بالأزهر الشريف

Yayıncı

دار إحياء التراث العربي

Yayın Yeri

بيروت

عَلَيْهِ فِي
أَنَّ الْإِمْسَاكَ عَنْهُ صَوْمٌ وَمِنْهَا مُخْتَلَفٌ فِيهِ عَلَى مَا بَيَّنَّا فَالْمُتَّفَقُ عَلَيْهِ هُوَ الْإِمْسَاكُ عَنْ الْجِمَاعِ وَالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ فِي الْمَأْكُولِ وَالْمَشْرُوبِ وَالْأَصْلُ فِيهِ
قَوْله تَعَالَى [أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيامِ الرَّفَثُ إِلى نِسائِكُمْ- إلَى قَوْلِهِ- فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيامَ إِلَى اللَّيْلِ] فَأَبَاحَ الْجِمَاعَ وَالْأَكْلَ وَالشُّرْبَ فِي لَيَالِي الصَّوْمِ مِنْ أَوَّلِهَا إلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ ثُمَّ أَمَرَ بِإِتْمَامِ الصِّيَامِ إلَى اللَّيْلِ وَفِي فَحْوَى هَذَا الْكَلَامِ وَمَضْمُونِهِ حَظْرُ مَا أَبَاحَهُ بِاللَّيْلِ مِمَّا قُدِّمَ ذِكْرُهُ مِنْ الْجِمَاعِ وَالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ فَثَبَتَ بِحُكْمِ الْآيَةِ أَنَّ الْإِمْسَاكَ عَنْ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ الثَّلَاثَةِ هُوَ مِنْ الصَّوْمِ الشَّرْعِيِّ وَلَا دَلَالَةَ فِيهِ عَلَى أَنَّ الْإِمْسَاكَ عَنْ غَيْرِهَا لَيْسَ مِنْ الصَّوْمِ بَلْ هُوَ مَوْقُوفٌ عَلَى دَلَالَتِهِ وَقَدْ ثَبَتَ بِالسُّنَّةِ وَاتِّفَاقِ عُلَمَاءِ الْأُمَّةِ أَنَّ الْإِمْسَاكَ عَنْ غَيْرِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ مِنْ الصَّوْمِ الشَّرْعِيِّ عَلَى مَا سَنُبَيِّنُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَمِمَّا هُوَ مِنْ شَرَائِطِ لُزُومِ الصَّوْمِ الشَّرْعِيِّ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ هُوَ إمْسَاكًا وَلَا صَوْمًا الْإِسْلَامُ وَالْبُلُوغُ إذْ لَا خِلَافَ أَنَّ الصَّغِيرَ غَيْرُ مُخَاطَبٍ بِالصَّوْمِ فِي أَحْكَامِ الدُّنْيَا فإن الكافر وإن كانا مُخَاطَبًا بِهِ مُعَاقَبًا عَلَى تَرْكِهِ فَهُوَ فِي حُكْمِ مَنْ لَمْ يُخَاطَبْ بِهِ فِي أَحْكَامِ الدُّنْيَا فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ قَضَاءُ الْمَتْرُوكِ مِنْهُ فِي حَالِ الْكُفْرِ وَطُهْرُ الْمَرْأَةِ عَنْ الْحَيْضِ مِنْ شَرَائِطِ تَكْلِيفِ صَوْمِ الشَّهْرِ وَكَذَلِكَ الْعَقْلُ وَالْإِقَامَةُ وَالصِّحَّةُ وَإِنْ وَجَبَ الْقَضَاءُ فِي الثَّانِي وَالْعَقْلُ مُخْتَلَفٌ فِيهِ عَلَى مَا بَيَّنَّا مِنْ أَقَاوِيلِ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي الْمَجْنُونِ فِي رَمَضَانَ وَالنِّيَّةُ مِنْ شَرَائِطِ صِحَّةِ سَائِرِ ضُرُوبِ الصَّوْمِ وَهُوَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَنْحَاءٍ صَوْمٌ مُسْتَحَقُّ الْعَيْنِ وَهُوَ صَوْمُ رَمَضَانَ وَنَذْرُ يَوْمٍ بِعَيْنِهِ وَصَوْمُ التَّطَوُّعِ وَصَوْمٌ فِي الذِّمَّةِ فَالصَّوْمُ الْمُسْتَحَقُّ الْعَيْنِ وَصَوْمُ التَّطَوُّعِ يَجُوزُ فِيهِمَا تَرْكُ النِّيَّةِ مِنْ اللَّيْلِ إذَا نَوَاهُ قَبْلَ الزَّوَالِ وَمَا كَانَ فِي الذِّمَّةِ فَغَيْرُ جَائِزٍ إلَّا بِتَقْدِمَةِ النِّيَّةِ مِنْ اللَّيْلِ وَقَالَ زُفَرُ يَجُوزُ صَوْمُ رَمَضَانَ بِغَيْرِ نِيَّةٍ وَقَالَ مَالِكٌ يَكْفِي لِلشَّهْرِ كُلِّهِ نِيَّةٌ وَاحِدَةٌ وَإِنَّمَا قُلْنَا إنَّ بَلْعَ الْحَصَاةِ وَنَحْوِهَا يُوجِبُ الْإِفْطَارَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَأْكُولًا فِي الْعَادَةِ وَأَنَّهُ لَيْسَ بِغِذَاءٍ وَلَا دَوَاءٍ مِنْ قِبَلِ أَنَّ قَوْلَهُ [ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيامَ إِلَى اللَّيْلِ] قَدْ انْطَوَى تَحْتَهُ الْأَكْلُ فَهُوَ عُمُومٌ فِي جَمِيعِ مَا أُكِلَ وَلَا خِلَافَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ بَلْعُ الْحَصَاةِ مَعَ اخْتِلَافِهِمْ فِي إيجَابِ الْإِفْطَارِ وَاتِّفَاقِهِمْ عَلَى أَنَّ النَّهْيَ عَنْ بَلْعِ الْحَصَاةِ صَدَرَ عَنْ الْآيَةِ فَيُوجِبُ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ مُرَادًا بِهَا فَاقْتَضَى إطْلَاقُ الْأَمْرِ بِالصِّيَامِ عَنْ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ دُخُولَ الْحَصَاةِ فِيهِ كَسَائِرِ الْمَأْكُولَاتِ فَمِنْ حَيْثُ دَلَّتْ الْآيَةُ عَلَى وجوب القضاء

1 / 237