233

Kur'an Hükümleri

أحكام القرآن

Araştırmacı

محمد صادق القمحاوي - عضو لجنة مراجعة المصاحف بالأزهر الشريف

Yayıncı

دار إحياء التراث العربي

Yayın Yeri

بيروت

مَرِيضًا أَوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ]
وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ مَنْ كَانَ مُقِيمًا فِي أَوَّلِ الشَّهْرِ ثُمَّ سَافَرَ وَبَيْنَ مَنْ كَانَ مُسَافِرًا فِي ابْتِدَائِهِ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ قوله [فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ] مَقْصُورُ الْحُكْمِ عَلَى حَالِ الْإِقَامَةِ دُونَ حَالِ السَّفَرِ بَعْدَهَا وَأَيْضًا لَوْ كَانَ الْمَعْنَى فِيهِ مَا ذَكَرُوا لَوَجَبَ أَنْ يَجُوزَ لِمَنْ كَانَ مُسَافِرًا فِي أَوَّلِ الشَّهْرِ ثُمَّ أَقَامَ أَنْ يُفْطِرَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى [وَمَنْ كانَ مَرِيضًا أَوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ] وَقَدْ كَانَ هَذَا مُسَافِرًا وَكَذَلِكَ مَنْ كَانَ مريضا في أوله ثم برىء وَجَبَ أَنْ يَجُوزَ لَهُ الْإِفْطَارُ بِقَضِيَّةٍ ظَاهِرَةٍ إذْ قَدْ حَصَلَ لَهُ اسْمُ الْمُسَافِرِ وَالْمَرِيضِ فَلَمَّا لَمْ يَكُنْ قَوْلُهُ [وَمَنْ كانَ مَرِيضًا أَوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ] مَانِعًا مِنْ لُزُومِ صَوْمِهِ إذَا أَقَامَ أَوْ برىء فِي بَعْضِ الشَّهْرِ وَكَانَ هَذَا الْحُكْمُ مَقْصُورًا عَلَى حَالِ بَقَاءِ السَّفَرِ وَالْمَرَضِ كَذَلِكَ قَوْلُهُ [فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ] مَقْصُورٌ عَلَى حَالِ بَقَاءِ الْإِقَامَةِ وَقَدْ نَقَلَ أَهْلُ السِّيَرِ وَغَيْرُهُمْ إنْشَاءَ النَّبِيِّ ﷺ السَّفَرَ فِي رَمَضَانَ فِي عَامِ الْفَتْحِ وَصَوْمَهُ فِي ذَلِكَ السَّفَرِ وَإِفْطَارَهُ بَعْدَ صَوْمِهِ وَأَمْرَهُ النَّاسَ بِالْإِفْطَارِ مَعَ آثَارٍ مُسْتَفِيضَةٍ وَهِيَ مَشْهُورَةٌ غَيْرُ مُحْتَاجَةٍ إلَى ذِكْرِ الْأَسَانِيدِ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مُرَادَ اللَّهِ فِي قَوْله تَعَالَى [فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ] مَقْصُورٌ عَلَى حَالِ بَقَاءِ الْإِقَامَةِ فِي إلْزَامِ الصوم وترك الإفطار قوله تعالى [فَلْيَصُمْهُ] قَالَ أَبُو بَكْرٍ ﵀ قَدْ تَكَلَّمْنَا فِي مَعْنَى قَوْلِهِ جَلَّ وَعَلَا [فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ] وَمَا تَضَمَّنَهُ مِنْ الْأَحْكَامِ وَحَوَاهُ مِنْ الْمَعَانِي بِمَا حَضَرَ وَنَتَكَلَّمُ الْآنَ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ وَعَوْنِهِ في معنى قوله [فَلْيَصُمْهُ] وَمَا حَوَاهُ مِنْ الْأَحْكَامِ وَانْتَظَمَهُ مِنْ الْمَعَانِي فَنَقُولُ إنَّ الصَّوْمَ عَلَى ضَرْبَيْنِ صَوْمٌ لُغَوِيٌّ وَصَوْمٌ شَرْعِيٌّ فَأَمَّا الصَّوْمُ اللُّغَوِيُّ فَأَصْلُهُ الْإِمْسَاكُ وَلَا يَخْتَصُّ بِالْإِمْسَاكِ عَنْ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ دَوَّنَ غَيْرِهِمَا بَلْ كُلُّ إمْسَاكٍ فَهُوَ مُسَمًّى فِي اللُّغَةِ صَوْمًا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى [إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمنِ صَوْمًا] وَالْمُرَادُ الْإِمْسَاكُ عَنْ الْكَلَامِ يَدُلَّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ عقيبه [فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا] وَقَالَ الشَّاعِرُ:
وَخَيْلٌ صِيَامٌ يَلُكْنَ اللُّجُمَ وَقَالَ النَّابِغَةُ:
خَيْلٌ صِيَامٌ وَخَيْلٌ غَيْرُ صَائِمَةٍ ... تَحْتَ الْعَجَاجِ وَخَيْلٌ تَعْلُكُ اللُّجُمَا
وَتَقُولُ الْعَرَبُ صَامَ النهار وصامت الشمس عند قيام الظهيرة لِأَنَّهَا كَالْمُمْسِكَةِ عَنْ الْحَرَكَةِ وَقَالَ امْرُؤُ الْقَيْس:

1 / 235