Kur'an Hükümleri
أحكام القرآن
Soruşturmacı
محمد صادق القمحاوي - عضو لجنة مراجعة المصاحف بالأزهر الشريف
Yayıncı
دار إحياء التراث العربي
Yayın Yeri
بيروت
Türler
Tefsir
قِيلَ لَهُ قَدْ انْتَظَمَتْ هَذِهِ الْمُعَارَضَةُ الْخَطَأَ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا قَوْلُكَ إبَاحَةُ الْمَيْتَةِ رُخْصَةٌ لِلْمُضْطَرِّ وَذَلِكَ لِأَنَّ أَكْلَ الْمَيْتَةِ فَرْضٌ عَلَى المضطر والاضطرار يزيل الحذر وَمَتَى امْتَنَعَ الْمُضْطَرُّ مِنْ أَكْلِهَا حَتَّى مَاتَ صَارَ قَاتِلًا لِنَفْسِهِ بِمَنْزِلَةِ مَنْ تَرَكَ أَكْلَ الْخُبْزِ وَشُرْبَ الْمَاءِ فِي حَالِ الْإِمْكَانِ حَتَّى مَاتَ كَانَ عَاصِيًا لِلَّهِ جَانِيًا عَلَى نَفْسِهِ وَلَا خِلَافَ فِي أَنَّ هَذَا حُكْمُ الْمُضْطَرِّ إلَى الْمَيْتَةِ غَيْرِ الْبَاغِي فَقَوْلُ الْقَائِلِ إبَاحَةُ الْمَيْتَةِ رُخْصَةٌ لِلْمُضْطَرِّ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ لَوْ قَالَ إنَّ إبَاحَةَ أَكْلِ الْخُبْزِ وَشُرْبِ الْمَاءِ رَخْصَةٌ لِغَيْرِ الْمُضْطَرِّ وَلَا يُطْلِقُ هَذَا أَحَدٌ يَعْقِلُ لِأَنَّ النَّاسَ كُلَّهُمْ يَقُولُونَ فُرِضَ عَلَى الْمُضْطَرِّ إلَى الْمَيْتَةِ أَكْلُهَا فَلَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا وَلَمَّا لَمْ يَخْتَلِفْ الْعَاصِي وَالْمُطِيعِ فِي أَكْلِ الْخُبْزِ وَشُرْبِ الْمَاءِ كَذَلِكَ فِي أَكْلِ الْمَيْتَةِ عِنْدَ الضَّرُورَةِ وَأَمَّا الْوَجْهُ الثَّانِي مِنْ الْخَطَإِ فَهُوَ قَوْلُكَ إنَّهُ لَا رُخْصَةَ لِلْعَاصِي وَهَذِهِ قَضِيَّةٌ فَاسِدَةٌ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ لِأَنَّهُمْ رَخَّصُوا لِلْمُقِيمِ الْعَاصِي الْإِفْطَارَ فِي رَمَضَانَ إذَا كَانَ مَريِضًا وَكَذَلِكَ يُرَخِّصُونَ لَهُ فِي السَّفَرِ التَّيَمُّمُ عِنْدَ عَدَمِ الْمَاءِ وَيُرَخِّصُونَ لِلْمُقِيمِ الْعَاصِي أَنْ يَمْسَحَ يَوْمًا وَلَيْلَةً
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ رَخَّصَ لِلْمُقِيمِ يَوْمًا وَلَيْلَةً وَلِلْمُسَافِرِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيَهَا
وَلَمْ يُفَرِّقْ فِيهِ بَيْنَ الْعَاصِي وَالْمُطِيعِ فَبَانَ بِمَا وَصَفْنَا فَسَادُ هَذِهِ الْمَقَالَةِ وَقَوْلُهُ [فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ وَلا عادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ] وَقَوْلُهُ [فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ] كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ هَذَيْنِ فِيهِ ضَمِيرٌ لَا يَسْتَغْنِي عَنْهُ الْكَلَامُ وَذَلِكَ لِأَنَّ وُقُوعَ الضَّرُورَةِ لَيْسَ مِنْ فِعْلِ الْمُضْطَرِّ فَيَكُونُ قَوْلُهُ [فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ] وقوله [فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ] خبر له وقوله [فَمَنِ اضْطُرَّ] لا بدله من خبر به تم الْكَلَامُ إذْ لَمْ يَكُنِ الْحُكْمُ مُتَعَلِّقًا بِنَفْسِ الضَّرُورَة وَخَبَرُهُ الَّذِي يَتِمُّ بِهِ الْكَلَامُ ضَمِيرُهُ وَهُوَ الْأَكْلُ فَكَأَنَّ تَقْدِيرَهُ فَمَنْ اُضْطُرَّ فَأَكَلَ فَلَا إثْمَ عَلَيْهِ ثُمَّ قَوْلُهُ [غَيْرَ باغٍ وَلا عادٍ] على قول من يقول غير باغ في الميتة ولا عاد فِي الْأَكْلِ فَيَكُونُ الْبَغْيُ وَالْعُدْوَانُ حَالًا لِلْأَكْلِ وَتَقْدِيرُهُ عَلَى قَوْلِ مَنْ يَقُولُ غَيْرَ بَاغٍ ولا عاد عَلَى الْمُسْلِمِينَ فَمَنْ اُضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ عَلَى الْمُسْلِمِينَ فَأَكَلَ فَلَا إثْمَ عَلَيْهِ فَيَكُونُ الْبَغْيُ وَالْعُدْوَانُ حَالًا لَهُ عِنْدَ الضَّرُورَة قَبْلَ أَنْ يَأْكُلَ فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ صِفَةً لِلْأَكْلِ وَعِنْدَ الْأَوَّلِينَ يَكُونُ صِفَةً لِلْأَكْلِ وَالْحَذْفُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ كَالْحَذْفِ فِي قَوْلِهِ [فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ] وَالْمَعْنَى فَأَفْطَرَ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ فَحَذَفَ فَأَفْطَرَ وَقَوْلُهُ [فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيامٍ] وَمَعْنَاهُ فَحَلَقَ فَفِدْيَةٌ وَإِنَّمَا جَازَ الْحَذْفُ لِعِلْمِ المخاطبين بالمحذوف
1 / 158