Kur'an Hükümleri
أحكام القرآن
Soruşturmacı
محمد صادق القمحاوي - عضو لجنة مراجعة المصاحف بالأزهر الشريف
Yayıncı
دار إحياء التراث العربي
Yayın Yeri
بيروت
Türler
Tefsir
حَتَّى تَسُوقَهُ مِنْ مَوْضِعٍ إلَى مَوْضِعٍ لِيَعُمَّ نَفْعُهُ لِسَائِرِ خَلْقِهِ كَمَا قَالَ تَعَالَى [أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَسُوقُ الْماءَ إِلَى الْأَرْضِ الْجُرُزِ فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعامُهُمْ وَأَنْفُسُهُمْ] ثُمَّ أَنْزَلَ ذَلِكَ الْمَاءَ قَطْرَةً قَطْرَةً لَا تَلْتَقِي وَاحِدَةٌ مَعَ صَاحِبَتِهَا فِي الْجَوِّ مَعَ تَحْرِيكِ الرِّيَاحِ لَهَا حَتَّى تَنْزِلَ كُلُّ قَطْرَةٍ عَلَى حِيَالِهَا إلَى مَوْضِعِهَا مِنْ الْأَرْضِ وَلَوْلَا أَنَّ مُدَبِّرًا حَكِيمًا عَالِمًا قَادِرًا دَبَّرَهُ عَلَى هَذَا النَّحْوِ وَقَدَّرَهُ بِهَذَا الضَّرْبِ مِنْ التَّقْدِيرِ كَيْفَ كَانَ يَجُوزُ أَنْ يُوجَدَ نُزُولُ الْمَاءِ فِي السَّحَابِ مَعَ كَثْرَتِهِ وَهُوَ الَّذِي تَسِيلُ مِنْهُ السُّيُولُ الْعِظَامُ عَلَى هَذَا النِّظَامِ وَالتَّرْتِيبِ ولو اجتمع القطر في الجو وأتلف لَقَدْ كَانَ يَكُونُ نُزُولُهَا مِثْلَ السُّيُولِ الْمُجْتَمِعَةِ مِنْهَا بَعْدَ نُزُولِهَا إلَى الْأَرْضِ فَيُؤَدِّي إلَى هَلَاكِ الْحَرْثِ وَالنَّسْلِ وَإِبَادَةِ جَمِيعِ مَا عَلَى الْأَرْضِ مِنْ شَجَرٍ وَحَيَوَانٍ وَنَبَاتٍ وَكَانَ يَكُونُ كَمَا وَصَفَ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ حَالِ الطُّوفَانِ فِي نُزُولِ الْمَاءِ مِنْ السَّمَاءِ فِي قَوْله تعالى [فَفَتَحْنا أَبْوابَ السَّماءِ بِماءٍ مُنْهَمِرٍ] فيقال إنه كان صبا كنحر السُّيُولِ الْجَارِيَةِ فِي الْأَرْضِ فَفِي إنْشَاءِ اللَّهِ تَعَالَى السَّحَابَ فِي الْجَوِّ وَخَلْقِ الْمَاءِ فِيهِ وَتَصْرِيفِهِ مِنْ مَوْضِعٍ إلَى مَوْضِعٍ أَدَلُّ دَلِيلٍ عَلَى تَوْحِيدِهِ وَقُدْرَتِهِ وَأَنَّهُ لَيْسَ بِجِسْمٍ وَلَا مُشْبِهٍ الْأَجْسَامَ إذْ الْأَجْسَامُ لَا يُمْكِنُهَا فِعْلُ ذَلِكَ وَلَا تَرُومُهُ وَلَا تَطْمَعُ فِيهِ وَأَمَّا دَلَالَةُ إحْيَاءِ اللَّهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا عَلَى تَوْحِيدِهِ فَهِيَ مِنْ جِهَةِ أَنَّ الْخَلْقَ كُلَّهُمْ لَوْ اجْتَمَعُوا عَلَى إحْيَاءِ شَيْءٍ مِنْهَا لَمَا قَدَرُوا عَلَيْهِ وَلَمَا أَمْكَنَهُمْ إنْبَاتُ شَيْءٍ مِنْ النَّبَاتِ فِيهَا فَإِحْيَاءُ اللَّهِ تَعَالَى الْأَرْضَ بِالْمَاءِ وَإِنْبَاتُهُ أَنْوَاعَ النَّبَاتِ فِيهَا الَّتِي قَدْ عَلِمْنَا يَقِينًا وَمُشَاهَدَةً أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِيهَا شَيْءٌ مِنْهُ ثُمَّ كُلُّ شَيْءٍ مِنْ النَّبَاتِ لَوْ فَكَّرْت فِيهِ عَلَى حِيَالِهِ لَوَجَدْته دَالًّا عَلَى أَنَّهُ مِنْ صُنْعِ صَانِعٍ حَكِيمٍ قَادِرٍ عَالِمٍ بِمَا قَدَّرَهُ عَلَيْهِ مِنْ تَرْتِيبِ أَجْزَائِهِ وَنَظْمِهَا عَلَى غَايَةِ الْإِحْكَامِ مِنْ أَدَلِّ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ خَالِقَ الْجَمِيعِ وَاحِدٌ وَأَنَّهُ قَادِرٌ عَالِمٌ وَأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ فِعْلِ الطَّبِيعَةِ عَلَى مَا يَدَّعِيهِ الْمُلْحِدُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ تَعَالَى إذْ الْمَاءُ النَّازِلُ مِنْ السَّمَاءِ عَلَى طَبِيعَةٍ وَاحِدَةٍ وَكَذَلِكَ أَجْزَاءُ الْأَرْضِ وَالْهَوَاءِ وَيَخْرُجُ مِنْهُ أَنْوَاعُ النَّبَاتِ وَالْأَزْهَارِ وَالْأَشْجَارِ الْمُثْمِرَةِ وَالْفَوَاكِهِ الْمُخْتَلِفَةِ الطُّعُومِ وَالْأَلْوَانِ وَالْأَشْكَالِ فَلَوْ كَانَ ذَلِكَ مِنْ فِعْلِ الطَّبِيعَةِ لَوَجَبَ أَنْ يَتَّفِقَ مُوجِبُهَا إذْ الْمُتَّفِقُ لَا يُوجِبُ الْمُخْتَلِفَ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ مِنْ صُنْعِ صَانِعٍ حَكِيمٍ قَدْ خَلَقَهُ وَقَدَّرَهُ عَلَى اخْتِلَافِ أَنْوَاعِهِ وَطُعُومِهِ وَأَلْوَانِهِ رِزْقًا لِلْعِبَادِ وَدَلَالَةً لَهُمْ عَلَى صُنْعِهِ وَنِعَمِهِ وَأَمَّا دَلَالَةُ مَا بَثَّ فِيهَا مِنْ دَابَّةٍ عَلَى تَوْحِيدِهِ فَهِيَ كَذَلِكَ فِي الدَّلَالَةِ أَيْضًا فِي اخْتِلَافِ أَنْوَاعِهِ إذْ غَيْرُ جَائِزٍ أَنْ تَكُونَ الْحَيَوَانَاتُ هي
1 / 128