Kur'an Hükümleri
أحكام القرآن
Araştırmacı
محمد صادق القمحاوي - عضو لجنة مراجعة المصاحف بالأزهر الشريف
Yayıncı
دار إحياء التراث العربي
Yayın Yeri
بيروت
مَا بِالْمَدِينَةِ دَارٌ غَيْرُ وَاحِدَةٍ ... دَارُ الْخَلِيفَةِ إلا دار مروان
كأنه قال بِالْمَدِينَةِ دَارٌ إلَّا دَارُ الْخَلِيفَةِ وَدَارُ مَرْوَانَ وَقَالَ قُطْرُبٌ مَعْنَاهُ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إلَّا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَنْكَرَ هَذَا بعض النجاة.
بَابُ وُجُوب ذَكَرِ اللَّه تَعَالَى
قَوْله تَعَالَى [فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ] قَدْ تَضَمَّنَ الْأَمْرَ بِذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَذِكْرُنَا إيَّاهُ عَلَى وُجُوهٍ وَقَدْ رُوِيَ فِيهِ أَقَاوِيلُ عَنْ السَّلَفِ قِيلَ فِيهِ اُذْكُرُونِي بِطَاعَتِي أَذْكُرْكُمْ بِرَحْمَتِي وَقِيلَ فِيهِ اُذْكُرُونِي بِالثَّنَاءِ بِالنِّعْمَةِ أَذْكُرْكُمْ بِالثَّنَاءِ بِالطَّاعَةِ وَقِيلَ اُذْكُرُونِي بِالشُّكْرِ أَذْكُرْكُمْ بِالثَّوَابِ وَقِيلَ فِيهِ اُذْكُرُونِي بِالدُّعَاءِ أَذْكُرْكُمْ بِالْإِجَابَةِ وَاللَّفْظُ مُحْتَمِلٌ لِهَذِهِ الْمَعَانِي وَجَمِيعُهَا مُرَادُ اللَّهِ تَعَالَى لِشُمُولِ اللَّفْظِ وَاحْتِمَالِهِ إيَّاهُ فَإِنْ قِيلَ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْجَمِيعُ مُرَادَ اللَّهِ تَعَالَى بِلَفْظِ وَاحِدٍ لِأَنَّهُ لَفْظٌ مُشْتَرَكٌ لِمَعَانٍ مُخْتَلِفَةٍ قِيلَ لَهُ لَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّ جَمِيعَ وُجُوهِ الذِّكْرِ عَلَى اخْتِلَافِهَا رَاجِعَةٌ إلَى مَعْنًى وَاحِدٍ فَهُوَ كَاسْمِ الْإِنْسَانِ يَتَنَاوَلُ الْأُنْثَى وَالذَّكَرَ وَالْأُخُوَّةُ تَتَنَاوَلُ الْإِخْوَةَ الْمُتَفَرِّقِينَ وَكَذَلِكَ الشَّرِكَةُ وَنَحْوُهَا وَإِنْ وَقَعَ عَلَى مَعَانٍ مُخْتَلِفَةٍ فَإِنَّ الْوَجْهَ الَّذِي سُمِّيَ بِهِ الْجَمِيعُ مَعْنًى وَاحِدٌ وَكَذَلِكَ ذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَى لَمَّا كَانَ الْمَعْنَى فِيهِ طَاعَتَهُ وَالطَّاعَةُ تَارَةً بِالذِّكْرِ بِاللِّسَانِ وَتَارَةً بِالْعَمَلِ بِالْجَوَارِحِ وَتَارَةً بِاعْتِقَادِ الْقَلْبِ وَتَارَةً بِالْفِكْرِ فِي دَلَائِلِهِ وَحُجَجِهِ وَتَارَةً فِي عَظَمَتِهِ وَتَارَةً بِدُعَائِهِ وَمَسْأَلَتِهِ جَازَ إرَادَةُ الْجَمِيعِ بِلَفْظٍ وَاحِدٍ كَلَفْظِ الطَّاعَةِ نَفْسِهَا جَازَ أَنْ يُرَادَ بِهَا جَمِيعُ الطَّاعَاتِ عَلَى اخْتِلَافِهَا إذَا وَرَدَ الْأَمْرُ بِهَا مُطْلَقًا نَحْوُ قَوْله تَعَالَى [أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ] وَكَالْمَعْصِيَةِ يَجُوزُ أَنْ يَتَنَاوَلَ جَمِيعَهَا لَفْظُ النَّهْيِ فقوله فاذكروني قد تضمن الأمر بسائر وجوه الذكر منها سَائِرُ وُجُوهِ طَاعَتِهِ وَهُوَ أَعَمُّ الذِّكْرِ وَمِنْهَا ذِكْرُهُ بِاللِّسَانِ عَلَى وَجْهِ التَّعْظِيمِ وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ وَالذِّكْرِ عَلَى وَجْهِ الشُّكْرِ وَالِاعْتِرَافِ بِنِعَمِهِ وَمِنْهَا ذِكْرُهُ بِدُعَاءِ النَّاسِ إلَيْهِ وَالتَّنْبِيهِ عَلَى دَلَائِلِهِ وَحُجَجِهِ وَوَحْدَانِيِّتِهِ وَحِكْمَتِهِ وَذِكْرُهُ بِالْفِكْرِ فِي دَلَائِلِهِ وَآيَاتِهِ وَقُدْرَتِهِ وَعَظَمَتِهِ وَهَذَا أَفْضَلُ الذِّكْرِ وَسَائِرُ وُجُوهِ الذِّكْرِ مَبْنِيَّةٌ عَلَيْهِ وَتَابِعَةٌ لَهُ وَبِهِ يَصِحُّ مَعْنَاهَا لِأَنَّ الْيَقِينَ وَالطُّمَأْنِينَةَ بِهِ تَكُونُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى [أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ] يَعْنِي وَاَللَّهُ أَعْلَمُ ذِكْرَ الْقَلْبِ الَّذِي هُوَ الْفِكْرُ فِي دَلَائِلِ اللَّهِ تَعَالَى وَحُجَجِهِ وَآيَاتِهِ وَبَيِّنَاتِهِ وَكُلَّمَا ازْدَدْت فِيهَا فِكْرًا ازْدَدْت طُمَأْنِينَةً وَسُكُونًا وَهَذَا هُوَ أَفْضَلُ الذِّكْرِ لِأَنَّ سَائِرَ الْأَذْكَارِ إنَّمَا يَصِحُّ وَيَثْبُتُ حُكْمُهَا بِثُبُوتِهِ
وَقَدْ
1 / 114