وعبارته تُشْعِر بأنه متردّد في تصحيح المرسل مطلقًا، ومال إلى تصحيحه إذا لم يوجد غيره، وكأنّ ذلك لِمَا مرَّ في المهمة الثالثة (^١). مع أن "غير المراسيل" (^٢) بلفظ الجمع ربما يُشْعِر باشتراطه اعتضاد المرسل بمرسل آخر كما هو رأي الشافعي على ما يأتي.
وأما قوله: "وما كان في كتابي فيه وهن شديد .. إلخ" فقد بيَّن المحققون أن مراده بالصالح ما هو أعم من الصالح للحجة والصالح للاعتبار، فيُحْمَل ما في الكتاب من [ص ٩] أحاديث ضعيفة سكت عنها على أنها عنده صالحة للاعتبار فقط. ويرشد إلى هذا قوله: "وهن شديد" فإنه يدل على أنه لم يبيِّن ما فيه وهن وليس بالشديد. انظر "فتح المغيث" (^٣) وغيره.
الأمر الرابع: ما ذهب إليه مالك وغيره من الاحتجاج بالمرسل، وقد عُلِم جوابه من المهمة الرابعة (^٤).
الأمر الخامس: ما ذهب إليه الشافعي من الاحتجاج بالمرسل إذا اعتضد بمرسل آخر من وجه آخر، أو بقول صحابيّ أو نحوه على تفصيل له في ذلك (^٥). وقد عُلِم الجواب عنه من المهمة الخامسة (^٦).
(^١) (ص ١٥٧).
(^٢) سبق أن الثابت في الأصول في لفظة "غير المراسيل"= "ضد المراسيل" وعليه يكون المعنى: إذا لم يوجد مسند مضاد للمرسل، ولم نجد مسندًا يُغني عنه فإنه يُقبل.
(^٣) (١/ ٨٨).
(^٤) انظر (ص ١٥٧).
(^٥) ذكره في كتاب "الرسالة" (ص ٤٦٢ فما بعدها).
(^٦) انظر (ص ١٥٨).