الْحَمْدُ لِلَّهِ وَحْدَهُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ فَهِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا، أَوِ امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ» .
وَهَذَا حَدِيثٌ فَرْدٌ تَفَرَّدَ بِهِ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ ﵁.
1 / 85
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي عَلَّمَ الإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ، وَبَصَّرَهُ بِحَقَائِقِ الْعُلُومِ النَّافِعَةِ وَأَلْهَمَ، وَكَمُلَ لِمَنِ ارْتَضَاهُ مِنْ عِبَادِهِ أَدِلَّةُ دِينِهِ دِرَايَةً وَرِوَايَةً وَفَهْمًا، وَأَلْحَقَ بِالْمُؤْمِنِينَ ذُرِّيَّاتِهِمْ فِيمَا مَنَّ عَلَيْهِمْ بِهِ وَأَنْعَمَ، وَحَفِظَ عَلَيْهِمْ دِينَهُمْ، وَأَوْضَحَ لَهُمْ دَلائِلَهُ، وَسَهَّلَ وَسَائِلَهُ بِتَصْحِيحِ طُرُقِهِ، بِمُحَافَظَةِ عُدُولِ النَّقْلِ وَالإِتْقَانِ، وَخَصَّهُمْ بِنَقْدِهِ وَوَزْنِهِ بِأَعْدَلِ مِيزَانٍ وَكَرَّمَ، فَمُسَلْسَلُ ذِكْرِهِمْ بِصَحِيحِ فِكْرِهِمْ حَسَنٌ مُعَلَّمٌ، لا يُعْضِلُ عَزْمَهُمْ وُقُوفٌ وَلا انْقِطَاعٌ، وَلا يُرْسِلُ حَزْمَهُمْ وَضْعُ وَاضِعٍ يُرِيدُ الْعُلُوَّ وَالارْتِفَاعَ، وَلا يُدَاخِلُ صِدْقَهُمْ كَذِبٌ وَلا قَدْحٌ، وَلا يَعْتَرِضُ عَرْضَهُمْ تَدْلِيسٌ وَلا جَرْحٌ.
1 / 88
وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، شَهَادَةً تُوجِبُ لِمَنْ شَهِدَهَا تَوَاتُرَ النَّعْمَاءِ وَالإِحْسَانِ، وَيُجْمَعُ لَهُ مِنْ صِحَاحِ الْمَقَاصِدِ خَيْرَاتٌ حِسَانٌ.
وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الْمَبْعُوثُ بِأَعْظَمِ حُجَّةٍ وَأَوْضَحِ بَيَانٍ.
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، صَلاةً تُبَوِّءُ قَائِلَهَا غُرَفَ الْجِنَانِ، مَا تَعَاقَبَ الْجَدِيدَانِ وَمَا رَمَقَ بِإِنْسَانِهِ إِنْسَانٌ، وَسَلَّمَ وَشَرَّفَ وَكَرَّمَ وَعَظَّمَ سَيِّدَ وَلَدِ عَدْنَانٍ.
وَبَعْدُ، فَإِنَّ الأَحَادِيثَ النَّبَوِيَّةَ عَلَى قَائِلِهَا أَفْضَلُ الصَّلاةِ وَالسَّلامِ مِنْ أَعْظَمِ مَا يَتَعَيَّنُ الاعْتِنَاءُ بِنَقْلِهِ وَتَصْحِيحِ طَرَائِقِهِ وَفَهْمِ مَعَانِيهِ وَدَرْكِ حَقَائِقِهِ، وَلا سِيَّمَا مَنِ اخْتُصَّتْ رِوَايَتُهُ مِنَ الْعُلُوِّ وَالْقُرْبِ بِالنَّصِيبِ الْوَافِرِ، وَحَقَّ لأَهْلِ هَذَا الْفَنِّ أَنْ يَغْتَرِفُوا مِنْ بَحْرِهِ الزَّاخِرِ، فَقَدِ اسْتَخَرْتُ اللَّهَ ﷾ فِي ذِكْرِ بَعْضِ مَا وَقَعَ لِي مِنْ غَرَائِبِ الأَحَادِيثِ، وَأَعَزِّهَا وُجُودًا، وَأَحْسَنِهَا فِي هَذَا النَّمَطِ صِحَّةً، وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا زَالَ مَطْلُوبًا مَقْصُودًا.
أَخْبَرَنَا الشَّيْخُ الإِمَامُ الْعَالِمُ الْعَدْلُ بَدْرُ الدِّينِ أَبُو الْمَحَاسِنِ يُوسُفُ
1 / 89
بْنُ عُمَرَ بْنِ حُسَيْنٍ الْخُتَنِيُّ، بِقِرَاءَتِي عَلَيْهِ بِمَنْزِلِهِ بِظَاهِرِ الْقَاهِرَةِ، قَالَ: أَنْبَأَ الإِمَامُ الْحَافِظُ رَشِيدُ الدِّينِ أَبُو الْحُسَيْنِ يَحْيَى بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْقُرَشِيُّ الْمَعْرُوفُ بِالْعَطَّارِ، قِرَاءَةً عَلَيْهِ، وَأَنَا أَسْمَعُ، قَالَ: سَمِعْتُ الصَّاحِبَ الْوَزِيرَ عِمَادَ الدِّينِ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ حَامِدِ بْنِ مُحَمَّدٍ الأَصْبَهَانِيَّ، قِرَاءَةً عَلَيْهِ فِي رَبِيعٍ الآخِرِ سِنَةَ اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِينَ وَخَمْسِ مِائَةٍ، قَالَ: سَمِعْتُ الشَّيْخَ الإِمَامَ الْفَقِيهَ الزَّاهِدَ أَبَا إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ نَبْهَانَ
1 / 90
الرَّقِّيَّ الْغَنَوِيَّ، بِقِرَاءَتِي عَلَيْهِ بِمَدِينَةِ السَّلامِ بِالْجَانِبِ الْغَرْبِيِّ مِنْهَا فِي الْكُوخِ، فِي شَهْرِ رَمَضَانَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَلاثِينَ وَخَمْسِ مِائَةٍ، قَالَ: سَمِعْتُ الْحَافِظَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدَ بْنَ أَبِي نَصْرٍ الْحُمَيْدِيَّ، يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا زَكَرِيَّا عَبْدَ الرَّحِيمِ بْنَ أَحْمَدَ بْنِ نَصْرٍ الْبُخَارِيَّ الْحَافِظَ، يَقُولُ: سَمِعْتُ
1 / 91
الْحَافِظَ أَبَا مُحَمَّدٍ عَبْدَ الْغَنِيِّ بْنَ سَعِيدٍ الأَزْدِيَّ، يَقُولُ: ثنا حَمْزَةَ بْنَ مُحَمَّدٍ الْكِنَانِيَّ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ، قَالَ: ثنا كَثِيرُ بْنُ عُبَيْدٍ،
1 / 92
قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ، عَنِ الزُّبَيْدِيِّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ، أَنَّ حُوَيْطِبَ بْنَ عَبْدِ الْعُزَّى أَخْبَرَهُ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ
1 / 93
السَّعْدِيِّ أَخْبَرَهُ، أَنَّهُ " قَدِمَ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِي خِلافَةِ عُمَرَ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: أُخْبِرْتُ أَنَّكَ تَلِي مِنْ أَعْمَالِ النَّاسِ أَعْمَالا، فَإِذَا أُعْطِيتَ الْعِمَالَةَ رَدَدْتَهَا؟ فَقُلْتُ: بَلَى.
فَقَالَ عُمَرُ: وَمَا تُرِيدُ إِلَى ذَلِكَ؟ فَقَالَ: إِنَّ لِي أَفْرَاسًا وَأَعْبُدًا وَأَنَا بِخَيْرٍ، وَأُرِيدُ أَنْ يَكُونَ عَمَلِي صَدَقَةً عَلَى الْمُسْلِمِينَ.
فَقَالَ عُمَرُ: فَلا تَفْعَلْ فَإِنِّي كُنْتُ أَرَدْتُ مِثْلَ الَّذِي أَرَدْتَ، كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ
يُعْطِينِي الْعَطَاءَ، فَأَقُولُ: أَعْطِهِ أَفْقَرَ مِنِّي، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: خُذْهُ تَمَوَّلْهُ أَوْ تَصَدَّقْ بِهِ، وَمَا جَاءَكَ اللَّهُ مِنْ هَذَا الْمَالِ مِنْ غَيْرِ تَشَوُّفٍ وَلا سُؤَالٍ فَخُذْهُ، وَمَا لا فَلا تُتْبِعْهُ نَفْسَكَ ".
هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ مِنْ أَغْرَبِ الأَحَادِيثِ.
اجْتَمَعَ فِي إِسْنَادِهِ مِنْ أَرْبَعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ يَرْوِي بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ، وَهُمُ: ١ - السَّائِبُ بْنُ يَزِيدَ.
- وَحُوَيْطِبُ بْنُ عَبْدِ الْعُزَّى.
1 / 94
- وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ السَّعْدِيِّ.
- وَعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ ﵃ أَجْمَعِينَ.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ، وَالنَّسَائِيُّ، فِي كُتُبِهِمْ مِنْ طُرُقٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُمَرَ
1 / 95
فَأَمَّا حَدِيثُ الْبُخَارِيِّ: فَأَخْبَرَنَا بِهِ عَالِيًا الشَّيْخُ الْجَلِيلُ عِمَادُ الدِّينِ أَبُو الْمَحَاسِنِ يُوسُفُ بْنُ أَبِي الْفَرَجِ بْنِ أَبِي نَصْرٍ الشّقَارِيُّ، قِرَاءَةً عَلَيْهِ، وَنَحْنُ نَسْمَعُ، قَالَ: أَنْبَأَ الإِمَامُ سِرَاجُ الدِّينِ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْنُ بْنُ الْمُبَارَكِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ الزُّبَيْدِيِّ الْبَغْدَادِيُّ، قِرَاءَةً عَلَيْهِ، وَنَحْنُ نَسْمَعُ، قَالَ: أَنْبَأَ أَبُو الْوَقْتِ عَبْدُ الأَوَّلِ بْنُ عِيسَى بْنُ شُعَيْبٍ السِّجْزِيُّ الْهَرَوِيُّ،
1 / 96
قَالَ: أَنْبَأَ الإِمَامُ أَبُو الْحَسَنِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُظَفَّرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ دَاوُدَ الدَّاوُدِيُّ، قَالَ: أَنْبَأَ الإِمَامُ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَمُّوَيْهِ السَّرَخْسِيُّ، قَالَ: أنبأ الإِمَامُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ يُوسُف بْن مَطَرَ بْنِ صَالِحٍ الْفَرَبْرِيُّ، قَالَ: ثنا الإِمَامُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْبُخَارِيُّ، قَالَ: ثنا ابْنُ بُكَيْرٍ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ يُونُسَ،
1 / 97
عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُمَرَ، قَالَ: " كَانَ النَّبِيُّ ﷺ
يُعْطِينِي الْعَطَاءَ، فَأَقُولُ: أَعْطِهِ مَنْ هُوَ أَفْقَرُ إِلَيْهِ مِنِّي فَقَالَ: «خُذْهُ إِذَا جَاءَكَ مِنْ هَذَا الْمَالِ شَيْءٌ، وَأَنْتَ غَيْرُ مُشْرِفٍ وَلا سَائِلٍ فَخُذْهُ، وَمَا لا فَلا تُتْبِعْهُ نَفْسَكَ» .
وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا، عَنْ أَبِي الْيَمَانِ، عَنْ شُعَيْبٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ.
1 / 98
وَأَمَّا حَدِيثُ مُسْلِمٍ، فَأَخْبَرَنَا بِهِ الشَّيْخَانِ شَرَفُ الدِّينِ أَبُو الْفَضْلِ أَحْمَدُ بْنُ هِبَةِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَسَاكِرَ الدِّمَشْقِيُّ، وَتَاجُ الدِّينِ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلامِ بْنِ الْمُطَهَّرِ بْنِ أَبِي سَعْدِ بْنِ أَبِي عَمْرُونَ التَّمِيمِيُّ، قِرَاءَةً عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَنَحْنُ نَسْمَعُ، قَالا: أنبأ أَبُو الْحَسَنِ الْمُؤَيَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الطُّوسِيُّ، إِجَازَةً، قَالَ: أَنْبَأَ فَقِيهُ الْحَرَمِ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُفَضَّلِ بْنِ أَحْمَدَ الْفُرَاوِيُّ،
1 / 99
قَالَ: أنبأ أَبُو الْخَيْرِ عَبْدُ الْغَافِرِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْغَافِرِ الْفَارِسِيُّ، قَالَ: أنبأ أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى بْنِ عَمْرَوَيْهِ الْجُلُودِيُّ، قَالَ: أنبأ أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سُفْيَانَ الْفَقِيهُ الزَّاهِدُ، قَالَ: ثنا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ النَّيْسَابُورِيُّ، قَالَ: ثنا هَارُونُ بْنُ مَعْرُوفٍ، وَحَرْمَلَةُ بْنُ
1 / 100
يَحْيَى، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ وَهْبٍ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُمَرَ، قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يُعْطِينِي الْعَطَاءَ» فَذَكَرَهُ.
وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ فِي الزَّكَاةِ مِنْ سَلْبِهِ، مِنْ وَجْهٍ آخَرَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَنْصُورٍ، عَنِ الْحَكَمِ بْنِ نَافِعٍ، عَنْ شُعَيْبٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، بِهِ
1 / 101
وَأَخْبَرَنَا أَبُو الْمَحَاسِنِ يُوسُفُ بْنُ عُمَرَ بْنِ حُسَيْنٍ الْخُتَنِيُّ، بِقِرَاءَتِي عَلَيْهِ بِظَاهِرِ الْقَاهِرَةِ، قَالَ: أنبأ الْحَافِظُ أَبُو الْحُسَيْنِ يَحْيَى بْنُ عَلِيٍّ الْقُرَشِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ الْوَزِيرَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدَ بْنَ مُحَمَّدٍ الأَصْبَهَانِيَّ، يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمَ بْنَ مُحَمَّدٍ الرَّقِّيَّ، بِقِرَاءَتِي عَلَيْهِ، يَقُولُ: سَمِعْتُ الْحَافِظَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدَ بْنَ أَبِي نَصْرٍ الْحُمَيْدِيَّ، يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا زَكَرِيَّا عَبْدَ الرَّحِيمِ بْنَ أَحْمَدَ الْبُخَارِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ الْحَافِظَ أَبَا مُحَمَّدٍ عَبْدِ الْغَنِيِّ بْنَ سَعِيدٍ الْمِصْرِيَّ، قَالَ: ثنا حَمْزَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ، قَالَ: أنبأ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ يَعْنِي أَبَا قُدَامَةَ، عَنْ سُفْيَانَ وَهُوَ ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، سَمِعْتُهُ يَقُولُ:
1 / 108
عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ زَيْنَبَ، عَنْ حَبِيبَةَ، عَنْ أُمِّهَا أُمِّ حَبِيبَةَ، عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ، قَالَتْ: " انْتَبَهَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَهُوَ مُحْمَرٌّ وَجْهُهُ،
1 / 109
وَهُوَ يَقُولُ:
لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ، ثَلاثَ مَرَّاتٍ، وَيْلٌ لِلْعَرَبِ مِنْ شَرٍّ قَدِ اقْتَرَبَ، فُتِحَ الْيَوْمَ مِنْ رَدْمِ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مِثْلُ هَذِهِ، وَعَقَدَ سُفْيَانُ عَشْرًا بِيَدِهِ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنَهْلِكُ وَفِينَا الصَّالِحُونَ؟ قَالَ: نَعَمْ، إِذَا كَثُرَ الْخَبَثُ ".
هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ، وَهُوَ مِنْ أَغْرَبِ الأَحَادِيثِ أَيْضًا، وَأَعَزِّهَا وُجُودًا، اجْتَمَعَ فِي إِسْنَادِهِ أَرْبَعَةُ نِسْوَةٍ يَرْوِي بَعْضُهُنَّ عَنْ بَعْضٍ.
قَالَ الْحَافِظُ عَبْدُ الْغَنِيِّ الأَزْدِيُّ: اجْتَمَعَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ زَوْجَتَانِ مِنْ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ ﷺ، وَهُمَا: أُمُّ حَبِيبَةَ، وَزَيْنَبُ بِنْتُ جَحْشٍ، وَرَبِيبَتَانِ مِنْ رَبَائِبِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ.
أَحَدُهُمَا: زَيْنَبُ بِنْتُ أُمِّ سَلَمَةَ، وَهِيَ بِنْتُ أَبِي سَلَمَةَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الأَسَدِ الْمَخْزُومِيِّ.
وَالأُخْرَى: حَبِيبَةُ بِنْتُ أُمِّ حَبِيبَةَ، وَهِيَ بِنْتُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ جَحْشٍ الَّذِي تَنَصَّرَ بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ
1 / 110
أَنْبَأَ الإِمَامُ بُرْهَانُ الدِّينِ أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ يَحْيَى بْنِ عَلَوِيِّ بْنِ الدَّرَجِيِّ، بِقِرَاءَتِي عَلَيْهِ غَيْرَ مَرَّةٍ، قَالَ: أَنْبَأَ أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ نَصْرٍ الصَّيْدَلانِيُّ، وَغَيْرُ وَاحِدٍ إِجَازَةً، قَالُوا: أَخْبَرَتْنَا أُمُّ إِبْرَاهِيمَ فَاطِمَةُ بِنْتُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ الْجُوزْدَانِيَّةُ، قَالَتْ: أَنْبَأَ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ رِيدَةَ الضَّبِّيُّ، قَالَ: ثنا أَبُو الْقَاسِمِ سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ اللَّخْمِيُّ، قَالَ: ثنا بِشْرُ بْنُ مُوسَى، قَالَ: ثنا الْحُمَيْدِيُّ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ،
1 / 111
قَالَ: ثنا الزُّهْرِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ حَبِيبَةَ بِنْتِ أُمِّ حَبِيبَةَ، عَنْ أُمِّهَا أُمِّ حَبِيبَةَ، عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ، قَالَتْ:
«اسْتَيْقَظَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مِنْ نَوْمِهِ» .
الْحَدِيثَ، قَالَ سُفْيَانُ: أَحْفَظُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَرْبَعَ نِسْوَةٍ مِنَ الزُّهْرِيِّ، وَقَدْ رَأَيْنَ النَّبِيَّ ﷺ ثِنْتَيْنِ مِنْ أَزْوَاجِهِ: أُمُّ حَبِيبَةَ، وَزَيْنَبُ، وَثِنْتَيْنِ رَبِيبَتُهُ: زَيْنَبُ بِنْتُ أُمِّ سَلَمَةَ، وَحَبِيبَةُ بِنْتُ أُمِّ حَبِيبَةَ، أَبُوهَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ جَحْشٍ، مَاتَ بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ.
رَوَاهُ الأَئِمَّةُ فِي كُتُبِهِمْ سِوَى أَبِي دَاوُدَ، مِنْ طُرُقٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ بِهَذَا الإِسْنَادِ، وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ، عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ، وَلَمْ يَذْكُرْ حَبِيبَةَ بِنْتَ أُمِّ حَبِيبَةَ.
وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ فِي جَامِعِهِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ
1 / 112