Köy Hikayeleri: Öyküler ve Anılar
أحاديث القرية: أقاصيص وذكريات
Türler
إلى أن يقول - طبعا نقلا عن الكتاب: (نحن متوجهون نهار الخميس القادم إلى طرابلس الفيحاء).
ثم نقل خاتمة المكتوب بشحمها ولحمها، وبعث برسالته إلى والده فوصلته مساء الأربعاء.
فما قرأه الوالد حتى اضطرب. شغلت باله عبارة: فت في عضدي، وباعي قصير. فخشي أن يكون قد أصاب ولده مكروه فت عضده، وقصر باعه! وازداد اضطرابا حين علم أن ولده متوجه إلى طرابلس. وقعد الرجل يفكر ولكنه لم يتوصل إلى حل ألغاز مكتوب ابنه، وأخيرا قال للمكاري: عش البغلة، وبات على سفر . فما انشق فجر الغد حتى كان في البحصاص.
وقضى ذلك النهار يفتش عن المحروس في شوارع طرابلس وأزقتها، ولما أعيا قصد المدرسة فوجد ابنه فيها سالما، لا باعه قصر ولا عضده مفتوت، فحمد الله وسأل ابنه: متى رجعت من طرابلس؟ فهز الفتى كتفيه وقال: أية طرابلس؟ - طرابلس. أنت كتبت لي أنكم متوجهون إلى طرابلس، فشغلت بالي ولاقيتك.
فقال الطالب النجيب: هكذا مكتوب في الكتاب.
وكانت دقيقة صمت جزم الوالد فيها أن تعبه غير ضائع، وأن المحروس سيكون من النوابغ إذا عاش.
وحكى لي مرة البطرك إلياس قال: دخلنا مدرسة غزير وكتبنا لوالدنا نذكره بالنجاصة التي حد بيتنا، فأرسلوا لي سلة فأكلت وأطعمت.
وفي العام الثاني تعمقت في اللغة، وأخذت عن معلمي أن الجيم والصاد لا يجتمعان في كلمة، فدققت ورميت والدي بمكتوب الكلمة الصغيرة فيه رطل. ولما بلغت ذكر النجاص استعنت بفصاحة معلمي؛ فأرشدني إلى الكلمة الفصيحة. فكتبت: يا والدنا، لا تأكلوا الكمثرى وحدكم: ولا يغرب عن نيرتكم تذكر ولدكم الذي يحب ذلك الجني.
فحرمت تلك السنة أكل النجاص؛ لأن والدي لم يفهم ما قصدت.
هكذا كانوا يعلمون في ذلك الزمان، ومع عقم هذا التعليم فقد أنبتت البلاد رجالا كان لهم شأن مذكور في تاريخنا، استفادوا وأفادوا لأنهم أرادوا، والإرادة أم الإبداع.
Bilinmeyen sayfa