Mazini'nin Hadisleri
أحاديث المازني
Türler
وقلت لصاحبي وأنا أنفخ الدخان مثله «أرأيت.. لم أكن أريد أن أدخن ولكن العادة غلبتني حين رأيت النار في طرف العود بين أصابعي. وأنا أغالط نفسي وأقول لها مازحا أن الكبريت أغلى من السجاير وأن من سوء التدبير أن أضيع عود كبريت من أجل سيجارة واحدة. وتروقني هذه المغالطة لأنها تفتح لي باب القياس والتمثيل فأقول أن الإنسان كثيرا ما يضيع الكثير من جاء حرصه على القليل فما رأيك».
قال «رأيي أن هذا صحيح. وسأقص عليك قصة».
قلت «هاتها».
وسرني أني أطلقت له لسانه وأنه صار في وسعي أن أستريح من الكلام فإن من نقائصي أني طويل الصمت وإن كنت في العادة ثرثارا عظيما وأحسبني أهرب بالصمت من الناس وبالثرثرة من نفسي.
وسمعته يقول «كنت منذ سنوات أتعلم العزف على الكمان وكان معلمي تركيا ضيق الصدر من أولئك «المولوية » الذين يعيشون في التكايا ويزجون فراغ الحياة بالموسيقى وما تغري به. وكنت قد اشتريت «فرسا» جديدة للكمان - والفرس كما تعرف هي قطعة الخشب المنجور ترفع عليه الأوتار فلما رآها أستاذي غضب ورماها وقال أنها غليظة وذهب يعنفني ويؤنبني كأنما كنت أنا صانعها أو كأنما كنت أدري قبل ذلك شيئا عن الكمان والأوتار والفرس فكرهت سوء خلقه وثقل على نفسي سلوكه وزهدت في التعلم - على هذا الرجل على الأقل - وزارني بعد خروجه صديق رآني منقبضا متجهما فسألني عن السبب فحدثته به فأحب أن يرى هذه «الفرس» التي أثارت كل هذا الخلاف وكانت لا تزال على الأرض فأشرت إليها فتناولها وقال «هذه» وجعل يقلب في يديه مستغربا ثم طلب أن أدعها له فقط «خذها يا سيدي» فما لها قيمة في الحقيقة فإن ثمنها لا يزيد على قرشين ولكن معلمي كان ممن يخلقون من الزبيبة خمارة عظيمة.
ومضى بها صاحبي ونسيت الأمر كله جملة وتفصيلا وإذا به بعد سنة أو نحو ذلك يقول لي أنه يتعلم العزف على الكمان وأن الدافع له على ذلك والمغري به كان هذه الفرس التي ظل بضعة شهور يخرجها من مكانها كلما خلا إلى نفسه ويتأملها.
قلت: «وأنت».
قال: «أنا. انقطعت عن الدرس.. لم أجد أستاذا أقدر منه أو مثله قدرة وإن كنت وجدت كثيرين أرحب صدرا ... على أني كنت أدور على المعلمين كارها وبي فتور شديد فكففت».
قلت «هل تعلم أني أنا أيضا تعلمت العزف على الكمان. ظللت أتعلم أكثر من سنة. فلو أني واظبت لكنت الآن من أمهر العازفين على هذه الآلة.. خمس وعشرون سنة.. من يدري.. لعلي كنت خليقا أن أتحول عن الأدب إلى الموسيقى.. ولكن قلة الصبر.. والخجل من أن يسمع الجيران الأصوات النابية التي أخرجها.. والاستحياء من أن يعرف عني أني مبتدئ.. كل هذا صرفني.. كما صرفتني عوامل أخرى عن الشعر..».
فابتسم وقال: «والآن».
Bilinmeyen sayfa