Mazini'nin Hadisleri
أحاديث المازني
Türler
والكبح يتطلب مجهودا لأنه لا يتأتى بغير ذلك، إذا كان الإنسان غير مهذب بالطبع، وآية ذلك الطفل فإنه - إذا لم نتعهده بالتربية والتوجيه لا يبالي ماذا يصنع مما نعده نحن الكبار سوء أدب ولا يخطر له أن فيما يفعل أو يترك شيئا يعاب أو لا يليق.
وأنت بتربيته تعوده شيئا فشيئا أن يبذل جهدا من ذات نفسه ومن عقله الذي ينمو تدريجيا، ليتأدب ويحسن سلوكه وتطيب سيرته فالأصل في الإنسان أنه على الفطرة. كالشجرة أو كالحيوان والانتفاع قليل بما هو على الفطرة، وإنما يريد النفع ويبلغ أقصاه بالتعهد والرعاية، والشجرة المهملة تهيج، ولكنها لا تؤتي كل ما يمكن أن تؤتي من ثمر إلا بالتقليم والتشذيب والتطعيم والتسميد والسقي وما إلى ذلك، ومثلها الإنسان يقل خيره وينحط إذا ترك وأهمل، ولأنه يبقى قوة طائشة والفضيلة والمزية أن تعالج هذه القوة وتنظم وتوجه ليحسن الانتفاع بها ويعظم.
فالكبح إذن مزية، وليس مجرد قيد يتململ منه الإنسان ويستثقله وأجيلوا عيونكم في الأمم تجدوا أن أرقاها وأقواها وأعظمها شأنا، أكثرها نظاما، وأشدها حرصا على النظام في كل شيء.
وكل نظام قيد، ولكنه قيد لازم لخير الجماعة وليس عبثا أو تحكما أو ظلما.
وأعود الآن إلى موضوع النقد فأقول أن النقد مفروض فيه أن الناقد ند للمنقود وكفء له، على الأقل، فعلى الذي يهم بنقد كتاب أو غيره أن يسأل نفسه. أهو كفء لهذا؟ هل أوتي من العلم والفضل والمزية ما يؤهله لتناول الكتاب أو الناس بالنقد؟
وقد أوتي كل امرئ حظا كافيا وافيا من الغرور وما أكثر ما يكون نصيبه منه فوق الكفاية ولولا الغرور لضاق المرء ذرعا بالحياة ولما أطاق العيش، فهو نعمة على الإنسان ولكنها نعمة تنقلب نقمة إذا لم يكن لها كابح من العقل وصحة الإدراك.
فعلى الذي يريد النقد أن يصدق نفسه، فإن صدق النفس أولى وأحجى، لو يهون، وما أراه مع الأسف يهون، غير أنه إذا جاز أن يغالط المرء الناس، فإن من الغفلة وسوء الرأي وضلال العقل أن يغالط نفسه، ولا ينبغي أن يشعر المرء بغضاضة إذا هو صدق نفسه فإن معرفة المرء بمواطن النقص والقصور في نفسه، خليقة أن تستحث همته وتدفعه إلى تقوية الضعف، وسد النقص ومعالجة القصور، وذلك خير وأرشد من الاغترار والاستنكاف من الإقرار لنفسه بالضعف فيبقى كما هو، بل يزداد كل يوم قصورا.
والنقد عبارة عن رفع ميزان، والميزان ذو كفتين، في واحدة يوضع الإحسان وفي الأخرى توضع الإساءة أو التقصير أو ما يجري هذا المجرى. والكفة الراجحة هي التي يكون لها الحكم فإذا شالت كفة النقص كان الرجل فاضلا أو محسنا أو مجيدا وإذا رجحت كفة التقصير هوى صاحبها معها.
ومؤدى ذلك أن قيمة الكتاب مرجعها إلى قيمة ما فيه من الإجادة وكذلك قيم الناس. فليس من العدل أن ننظر إلى العيب أو المأخذ وحده. وأن نقول أن هذا رجل سوء أو هذا كتاب رديء. لأنه فيه كذا وكذا من العيوب فما أوتي الإنسان الكمال وقد يؤتاه بعد أدهار أخرى طويلة. ولكنه لم يرزقه إلى الآن، وما من كتاب إنساني يخلو من مأخذ أو مآخذ، فمن العنت أن نتعلق بالعيوب وإن كثرت، دون الحسنات، ومن الغرور القبيح أن نقول أساء الرجل في فعله أو كتابه وأن نغضي عما أجاد فيه ووفق إليه، ووجه الغرور هنا أننا نزعم ضمنا أننا نحن لا يمكن أن نقع في خطأ، أو أن نرتكب فعلا مذموما أو معيبا وأننا ننحل أنفسنا قدرا من الفضل لا يتاح للإنسان.
ومن مقتضيات العدل في النقد أن يضع الناقد نفسه في موضع المنقود، وأن يسأل نفسه ويخلص في الجواب «ماذا كنت خليقا أن أصنع لو كنت مكانه وماذا كان يسعني أن أكتب في هذا الموضوع لو تناولته أنا؟»
Bilinmeyen sayfa