٤٤ - أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ الْفَضْلِ بْنِ شُكْرٍ، نا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَهْضَمٍ، بِمَكَّةَ، نا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ السَّامَرِّيُّ، سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ خَادِمَ بِشْرِ بْنِ الْحَارِثِ، يَقُولُ: حَدَّثَنِي رَجُلٌ كَثِيرُ الأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ، لا يَأْخُذُهُ فِي اللَّهِ لَوْمَةُ لائِمٍ، وَلا يُزْعِجُهُ مَا لَقِيَ مِنَ الأَذَى فِي ذَلِكَ، فَسَأَلْتُهُ عَنْ مُكْثِهِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَإِقَامَتِهِ عَلَى هَذِهِ فَحَدَّثَنِي أَنْ كَانَ هَذَا حَالُهُ قَدِيمًا، وَأَنَّهُ كَثُرَ عَلَيْهِ الأَذَى فِي وَقْتٍ مِنَ الأَوْقَاتِ، قَالَ: فَقَصُرْتُ عَنْ ذَلِكَ وَتَجَنَّبْتُهُ، وَخَرَجْتُ مِنَ الْمَدِينَةِ الَّتِي كُنْتُ فِيهَا كَالْهَارِبِ، فَمَرَرْتُ بِقَرْيَةٍ فِيهَا دَكَاكِينُ، فَجَلَسْتُ عَلَى بَابِ دُكَّانٍ لِحَائِكٍ، فَخَرَجَ إِلَيَّ صَاحِبُ الطِّرَازِ فَلَطَمَنِي، فَقَالَ لِي مبارك: أَيْنَ كُنْتَ قَدْ فَرَرْتَ مُنْذُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ؟ قَالَ: فَنَظَرْتُ إِلَى نَفْسِي وَأَنَا أَسْوَدُ الشَّعْرِ مُفَلْفَلٌ، فَأَخَذَ بِيَدِي وَأَدْخَلَنِي إِلَى طِرَازِهِ وَأَجْمَعَ قَوْمَهُ وَأَصْحَابَهُ. . . فَاقتدني فِي الْعَمَلِ النَّسِيج لَهُ، فَكُنْتُ كَأَحْدَقِ مَنْ نَسَجَ، فَأَقَمْتُ شُهُورًا عَلَى ذَاكَ، فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ شُهُورٍ كَثِيرَةٍ اسْتَيْقَظْتُ وَعَرَفْتُ قِصَّتِي، وَعَوَّدْتُ بَيْنِي وَبَيْنَ اللَّهِ ﷿ مُلازَمَةَ مَا كُنْتُ عَلَيْهِ مِنَ الأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ، فَإِذَا أَنَا مِنْ وَقْتِي عَلَى حَالِي الأُولَى، فَخَرَجْتُ مِنَ الطِّرَازِ، وَجَلَسْتُ عَلَى الْبَابِ أَحْفَظُهُ لِصَاحِبِهِ إِلَى أَنْ يَرْجِعَ، فَجَاءَنِي وَسَلَّمَ عَلَيَّ وَعَانَقَنِي، وَقَالَ لِي: عَافَاكَ اللَّهُ رَأَيْتَ غُلامًا أَسْوَدَ قَدْ خَرَجَ مِنْ هَذَا الطِّرَازِ؟ فَقُلْتُ: لا، فَدَخَلَ إِلَى الطِّرَازِ وَانْصَرَفْتُ، قَالَ ابْنُ جَهْضَمٍ: حَدَّثَنِي أَبُو سَعْدٍ الْبَالِسِيُّ أَنَّ الْحَائِكَ الَّذِي تَقَدَّمَ وَصْفُهُ كَانَ خَيْرَ النُّسَّاجِ، وَبِهِ سُمِّيَ، فَكَانَتْ هَذِهِ قِصَّتُهُ
1 / 45