وأول ما يجب للناظر فى كلام العرب بعد إحكام قياس حركات الإعراب أن يحكم تثقيف الأفعال، لما يدخلها من القياس بالتصرف، ليتصل له قياس التصرف فى الأفعال بقياس تصرف الإعراب فى الأسماء. وأيضا فإن أكثر الكلام مشتق منها (¬1)، وأكثر ما تسأل (¬2) الطلبة، والقراء، والفقهاء (¬3) فعن التصريف والاشتقاق فى القرآن والسنة وكلام العرب.
وإنى تأملت ما ألفه فى ذلك من عنى بلغات العرب [من العلماء المتقدمين] (¬4) كالزجاج (¬5)، وأبى حاتم (¬6)، وقطرب (¬7)، وغيرهم من أهل العناية والعلم، فرأيت تواليفهم فى الأفعال غير موعبة (¬8)، ولا مقتضية لإتقان ما قصدوه بزعمهم حتى تلافأ (¬9) ذلك، وتولاه: محمد بن عمر بن القوطية (¬10) - رحمه الله - فألف فى الأفعال كتابا حاز به قصب السبق، واستولى به على أمد الغاية، لم يتقدمه إلى مثله فى هذا الفن أحد من العلماء الماضين.
Sayfa 52