من جنى وَبَايع ابْن المعتز وَأَمرَنِي الْخَلِيفَة بأمانة فَاكْتُبْ للنَّاس الْأمان مني وَلَا يلْتَمس مِنْك أحد أَمَانًا كَائِنا من كَانَ إِلَّا كتبته لَهُ وجئني بِهِ لأوقع فِيهِ فقد أفردتك لهَذَا الْعَمَل ثمَّ قَالَ لمن حضر أشيعوا مَا قلته حَتَّى يأنس المستترون بِأبي عَليّ ويكاتبونه فِي طلب الْأمان فشكرناه ودعت الْجَمَاعَة لَهُ وشاع الْخَبَر وكتبت الْأَمَانَات فَكتب فِي ذَلِك مائَة ألف أَو نَحْوهَا
حَدثنَا ابْن المحسن عَن أَبِيه قَالَ سَمِعت أَبَا الْقَاسِم الْحسن بن عَليّ بن مقلة يَقُول كَانَ أَبُو عَليّ بن مقلة يَوْمًا يَأْكُل فَلَمَّا رفعت الْمَائِدَة وَغسل يَده رأى على ثَوْبه نقطة صفراء من الْحَلْوَى الَّتِي كَانَ يأكلها فَفتح الدواة واستمد مِنْهَا نقطة على الصُّفْرَة حَتَّى لم يبْق لَهَا أثر وَقَالَ ذَاك أثر شَهْوَة وَهَذَا أثر صناعتي ثمَّ أنْشد
(إِنَّمَا الزَّعْفَرَان عطر العذارى ... ومداد الدواة عطر الرِّجَال)
قَالَ أَبُو بكر الصولي قَالَ لي المكتفي بِاللَّه وَقد أنشدته أَنْت أشعر من فلَان فَقلت لأنعامك على ترى ذَلِك وَإِلَّا ففلان أشعر مني فَلَمَّا خرجنَا قَالَ لي الْقَاسِم بن عبيد الله رددت على أَمِير الْمُؤمنِينَ لِأَنَّهُ قَالَ شَيْئا فَقلت لَا فَقلت من أَيْن لي هَذَا الْفَهم وَذكر أَن ملكا كَانَت أسراره تظهر كثيرا إِلَى عدوه فَيبْطل تَدْبيره على الْعَدو فَبلغ ذَلِك مِنْهُ فَشَكا إِلَى أحد نصائحه وَقَالَ لَهُ أَن جمَاعَة يطلعون على أسرار لي لَا بُد من إظهارها لَهُم وَلست أَدْرِي أَيهمْ يظهرها وأكره أَن أنال البريء مِنْهُم بِمَا يسْتَحق الخائن فَدَعَا بِكِتَاب فَكتب فِيهِ أَخْبَارًا من أَخْبَار المملكة وَجعلهَا كذبا كلهَا ثمَّ دَعَا بِرَجُل رجل كل وَاحِد دون صَاحبه مِمَّن كَانَ يفشي الْملك إِلَيْهِ سره فَقَالَ للْملك أخبر كل وَاحِد مِنْهُم بِخَبَر على حِدة لَا يظْهر عَلَيْهِ سَائِر أَصْحَابه وَأمر كل وَاحِد بستر مَا أسررت إِلَيْهِ وأكتب على
1 / 48