7
هذه العملية غريزية؛ فقد لا نعلم بالضبط الكيفية التي تؤدي بها الأفعال الفردية إلى نفع المجتمع أو إلحاق الضرر به، ولا يمكن للعقل أن يلعب هنا دور المرشد الواثق، لكن الطبيعة، أو الذات الإلهية، قد منحتنا مشاعر للرغبة والنفور تعزز - فيما يبدو - استمرار وجود الجنس البشري والمجتمع الذي نعيش فيه بالفعل. وفي الواقع، إذا بدرت عنا سلوكيات منافية لذلك، فإن المجتمع ستتمزق أوصاله وسنكف عما قريب عن كوننا كائنات اجتماعية.
وفيما يلي مثال عما كان سميث يعنيه في المواضع القليلة التي تحدث فيها عن «اليد الخفية»، وعن أمور أخرى كثيرة عندما كان يشرح كيف تلعب أفعالنا دورا في إنتاج نظام اجتماعي ناجح، حتى وإن كانت هذه النتيجة لا تتطابق مع الهدف الذي دفعنا إلى القيام بتلك الأفعال. فعلى سبيل المثال، يلاحظ سميث أن تروس الساعة تعمل معا لإظهار الوقت، لكنها لا تعلم بذلك، وإنما تسير وفق نية من صنعها. وعلى نحو مماثل، عندما تعمل أفعالنا الغريزية على تعزيز المجتمع، فإننا قد نعزو ذلك بغرور إلى أحكامنا العقلية، لكننا في الحقيقة يجب أن نعزوها إلى الطبيعة، أو إلى الله.
8 (وفي مناقشة لهذه الظاهرة المتعلقة بالنظام الاجتماعي الذي يعمل بكفاءة، والذي ينتج عن الفعل البشري لا التصميم البشري، يلجأ سميث إلى استخدام كلمات مثل «الله» و«الطبيعة» و«المبدع» بالتبادل تقريبا، لكن شرحه للكيفية التي نحدث بها - من خلال أفعالنا - تناغما اجتماعيا غير مقصود إنما هو شرح في نطاق المنظومات، لا في نطاق لاهوتي. فهو لا يفترض أو يشترط تدخل ذات إلهية؛ إذ إن الطبيعة - أو ما ندعوه اليوم بالتطور - يمكنها أن تؤدي إلى النتيجة ذاتها ببراعة.)
يعيدنا هذا إلى مسألة الدوافع؛
9
فالأفعال التي يراد منها أن تتسبب في الضرر ربما لا تؤدي إلى النتيجة المتوخاة منها، بينما يمكن للأفعال الأخرى أن تتسبب في أذى حقيقي، حتى وإن لم يكن ذلك مقصودا من أي منها. إذن، هل ينبغي لنا أن نعاقب على الدافع أم على النتيجة؟ يجيب سميث عن هذا السؤال قائلا بأننا نعجز عن معرفة ما بقلب الإنسان؛ فإذا عاقبنا على «الدوافع» السيئة فقط ، فلن ينجو أحد من الشك. لكن مجددا، ترشدنا الطبيعة إلى حل أكثر استقرارا، بأن نعاقب فقط على «الأفعال» التي تنتج الشر، أو يراد منها الشر. (4) العدل كأساس
إذا أردنا بقاء المجتمع، فلا بد أن تكون هناك قواعد للحيلولة دون إيذاء أفراده بعضهم ببعض، ويعلق سميث على ذلك قائلا بأنه من الممكن أن يستمر مجتمع من اللصوص والقتلة، لكن بشرط امتناع أفراده عن سرقة وقتل بعضهم بعضا.
10
وهذه هي قواعد ما ندعوه العدل.
Bilinmeyen sayfa