لولا المصادفة لوفرت أنت جهدا عنيفا، ولقضيت أنا واسترحت من عذابي.
حملتني تلك المصادفة دينا لك، فلا أنا أستطيع وفاءه ولا أنت تبتغي بذله.
فاحسب هذا الدين في جملة خسائرك، وأنا أحسب هذا الشقاء في جملة مصائبي.
لا تكن مشفقا كل حين، فقد يضيع إشفاقك مع غير أهله.
وقد تكون هذه الرسالة فضولا مني، ولكني فكرت طويلا فلم أر بدا من هذا الفضول؛ ليكون مبلغك شكري لك.
وكانت الرسالة بلا إمضاء كما كانت بلا عنوان. •••
وما انتهى يوسف من تلاوة الرسالة، وهو يتمشى حتى قال: «لله من كبريائك.»
وكاد يمزق الرسالة تمزيقا، ولكن أنامله لم تطاوعه، وبعد أن طواها ووضعها في جيبه استعادها وقرأها ثانية وثالثة، ثم قال لنفسه: «نسيت أن أسائل الفتاة عن رجل ليلى، تقول: إن اسمها ليلى، فهل أنا قيسها ولي منها عذاب قيس؟ شكت أمس من ألم رجلها، فلا ريب أنها تعذبت الليلة الفائتة، وتأرقت أرقي ولكن شتان بين أرقينا.» •••
ذهب يوسف إلى مصلحة التنظيم، ودفع بطاقة بولس المراني إلى سليم الهيزلي، فاستقبله هذا أجمل استقبال، وقال: لقد أوصاني بك المسيو نجيب مراني أيضا، يلوح لي أن أسرة المراني كلها تودك يا مسيو براق؛ ولذلك أحسب نفسي سعيدا إذا استطعت أن أقوم بخدمة لصديق يوده آل مراني هذا الود.
فشكر يوسف له تلطفه، وهو يشعر بوخز في ضميره من جراء ما ألحق ببولس المراني من الإهانة.
Bilinmeyen sayfa