61

Edebiyat ve Hayat

الأدب والحياة

Türler

كيف تتصل ازدواجية الوعي بصورة مصر في أدب القرن العشرين؟ وكيف تضيف البعد الناقص إلى البحث الموجز الذي ألقيته في المؤتمر؟ الإجابة على هذا السؤال هي دون مبالغة أننا نحمل في وجداننا وعقولنا صورتين لمصر؛ الأولى هي التي صورها العرب لها في رسائلهم وأشعارهم عن الأرض التي فتحوها، والثانية هي صورة الدولة التي أرسى أجدادنا أركانها وأقاموا بنيانها، والتي تولينا نحن منذ استقلال مصر عن الإمبراطورية العثمانية بعثها وإحياءها، وتناقض الصورتين له حديث آخر.

صورة مصر الأولى

كانت كتابات العرب الأوائل عن مصر لا تنم عن إدراكهم لتاريخ مصر القديم أو عن أدنى وعي بأنها دولة ذات حضارة عريقة؛ فأوصاف القادة العسكريين والسياسيين تتناول خيراتها وخصبها وغناها وشعر شعرائهم يرسم صورة تقترب في جمالها وكمالها من الجنة الموعودة، والشعر الذي كتب في محاسن مصر لا يوحي بأن فيها بشرا أو بأن هؤلاء البشر ينتمون إلى هذه الأرض التي كانت يوما ما تملك كل مقومات الدولة بالمفهوم الحديث. ولا يزيد ما قيل في وصف مصر آنذاك على أبيات متفرقة لا تصل إلى طول القصيدة، وبعضها مقطوعات بها عيوب عروضية وردت في كتب التاريخ؛ إذ كان من عادة المؤرخين أن يستشهدوا بأبيات متفرقة أو بالمقطوعات وبالقصائد أحيانا من باب الزينة، أو محاكاة لكتب الأدب، أو تحقيقا لمفهوم الكتاب - إذا كان الكتاب جامعا لا يمكن أن يخلو من الشعر - فنحن نقرأ مثل ذلك في خطط المقريزي وفي كتاب النجوم الزاهرة لجمال الدين أبي المحاسن بن تغري بردي، وتاريخ الطبري وتاريخ المسعودي، وغيرها من الكتب التي لا تتناول الأدب كما نعرفه اليوم.

وقد أجهدت نفسي لأعثر على شعر عن مصر يسبق دالية المتنبي المشهورة، فلم أعثر إلا على أبيات منثورة هنا وهناك؛ فالمتنبي الذي ولد وعاش في أوائل القرن الرابع الهجري يعتبر من أوائل من رسموا لمصر صورتها القديمة أي صورتها في أعين العرب في القرون الأولى من الفتح العربي، وهي صورة بستان من الأعناب «فقد بشمن وما تغني العناقيد» أي صورة تتناقض مع طبع البدوي الذي يتفاخر بقدرته على الترحال ، ويعرب عن ضيقه بالاستقرار:

ذراني والفلاة بلا دليل

ووجهي والهجير بلا لثام

فإني أستريح بذي وهذا

وأتعب بالإناخة والمقام

عيون رواحلي إن حرت عيني

وكل بغام رازخة بغامي

Bilinmeyen sayfa