58

Edebiyat ve Hayat

الأدب والحياة

Türler

Outward-looking policy

بعد أن تأكد الجميع من زوال الإمبراطورية وزوال سياسة التقوقع أو التحمس الأعمى لبريطانيا (الجزيرة)

Insularity ؛ فإن بوادر الانفتاح لم تتسلل بعد إلى الجامعتين العريقتين في أكسفورد وكيمبريدج.

وفي أول لقاء لأدباء العالم هذا الصيف في كيمبريدج، كان الإحساس سائدا بأننا نعيش في ظلال الثبات التاريخي الذي حملت لواءه الجامعتان؛ ومن ثم كانت المفاجأة حين وجدنا المشرف على الندوة نفسه، البروفيسور «كريستوفر بيجسبي» يسخر من تقاليد كيمبريدج، ويعزو تخلف الإنجليز اجتماعيا إلى التراث الأكاديمي الذي غرسته الجامعتان الكبيرتان، وكذلك كان البروفيسور «تيرنس هوكس»، وهو من أعلام علم اللغة والسيميوطيقا، لاذعا في هجومه على التقاليد الجامدة التي لا تكاد تمس، وقد تبعهما في ذلك حشد كبير من كبار الكتاب والنقاد الإنجليز، ولنرصد بإيجاز ملامح التغير والجمود التي رصداها.

يقول «بيجسبي» في تفسيره لتوقف المسرح الإنجليزي عن التطور في الطريق الذي سار فيه المسرح الأمريكي - أي طريق الحركة والأداء والمسرح الشامل، الذي يستعين بالموسيقى والرسم، والتشكيل والرقص - إن كتاب المسرح الإنجليزي المعاصرين تخرجوا في معظمهم من هاتين الجامعتين، كما أن معظم رواد المسرح من الطبقة المثقفة التي تربت في كنف التقاليد البريطانية العريقة، وعددهم لا يتجاوز أربعة ملايين وهو عدد يتفق مع النسبة المشهورة لتوزيع الثروة حاليا في بريطانيا، ويشار إليها بالمعادلة 7 = 84 ومعناها أن سبعة في المائة من السكان يمتلكون أربعة وثمانين في المائة من الثروة القومية.

إن المسرح البريطاني اليوم ينمو باطراد نحو «التمسرح»؛ أي وعي الجانبين - جانب منتجي المسرحية من مؤلف ومخرج وممثل، وجانب المشاهد - بأن المسرحية «لعبة»، وبأنها ينبغي أن تظل في إطار «اللعب»، أي خارج إطار الواقع. والتمسرح هو ال

Meta-theatre

أو الميتا مسرح! وهذا أيضا - في رأي «بيجسبي» - مرتبط بتقاليد الجامعتين العريقتين؛ لأنه يتطلب إيجابية من المبدع والمتلقي ووعيا بتقاليد المسرح الإنجليزي على امتداد القرون.

أما «هوكس» فقد تناول معارضة التغيير من زاوية أخرى، ألا وهي إلحاح المؤسسة الاجتماعية في بريطانيا على تثبيت اللغة الإنجليزية وإعلاء شأنها، باعتبارها القناة الأولى التي تحمل الثقافة العريقة وتنقلها عبر الأجيال، بل وعبر القارات! وقد اتخذ في بحثه منهجا طريفا؛ إذ ضرب المثل بمحاولة استغلال أحد أقطاب الأدب في أوائل الأربعينيات وهو: ت. س. إليوت لضرب التغيير وقمع الاتجاهات الثورية في بريطانيا، بل في ما هو أهم من ذلك وهو جر أمريكا إلى الحرب بعد الهزيمة النكراء التي منيت بها بريطانيا في «دنكرك»، فالتمجيد الذي تلقاه إليوت من ناقد كبير مثل «ف. ر. ليفيز» كان في حقيقته محاولة لإثبات أنه إنجليزي لا أمريكي وأنه كتب قصيدة «كوكر الشرقية»، وهذا هو اسم قرية إنجليزية أطلقه الشاعر على إحدى القصائد التي أسماها «الرباعيات»؛ لتأكيد هذا الوهم، ولترسيخ فكرة التراث المشترك الذي ينبغي الحفاظ عليه، ولو كان ذلك يجر أمريكا إلى الحرب!

وينطبق هذا أيضا على تدريس اللغة الإنجليزية في الجامعات والمعاهد العليا داخل بريطانيا وخارجها؛ إذ يرى «هوكس» أن اللغة تستخدم وسيلة لمقاومة التغيير لا لنشر الثقافة والعلم! بل إنه يبالغ في تصوير الموقف حين يعتبر أن اللغة نفسها مؤسسة ينبغي التنبه لمخاطر التمسك بها والحفاظ عليها؛ إذ تكمن في أبنية العبارات نفسها مفهومات ثبات ومنطق وتعقل تعكس وجهة نظر القلة أو الصفوة التي بيدها مقاليد الأمور في مجتمع يمر - بالضرورة - بمراحل تحول حاسمة مثل المجتمع البريطاني.

Bilinmeyen sayfa