Hekimin Adabı Kitabı
كتاب أدب الطبيب
Türler
ولذلك لا ينبغى لطبيب لم يكن خدم فى الصيدنة، بين يدى حذاقهم، ومشائخهم، أن يتولى شراء دواء من صيدلانى، أو عطار، ولا يعالج به مريضا. فكم من صيدنانى قد طمع فى أطباء، فدفع إليهم بدل دواء دواء آخر، ولم يعلم ذلك الطبيب. كما رأيت منهم من دفع إلى طبيب بدل كمون كرمانى بزر خس، وحب البان بدل الفلفل الأبيض، فلم يعلم الطبيب بذلك، وبينهما تضاد عظيم فى القوة والفعل! وكذلك رأيت من أعطى ميويزج بدل قطر أساليون. وأما إعطاؤهم العصارات، والصموغ، بعضها بدل بعض، فكثير لا يحصى، لما بينها من التشابه. فكم من مريض قد هلك فيما بين عمى الطبيب، وقلة دين الصيدلانى. فهذا وأمثاله يجرى فى أمر الأدوية المفردة. فيجب على الطبيب الاحتراز من أنواع فسادها.
وأما فساد الأدوية المركبة، فأكثر وأعظم، لأن أصناف تراكيب الأدوية كثيرة جدا، ولكل نوع من التركيب غرض قصد نحوه، وبه يقع النفع. فإن تغير عن صورته، ونوعه، بقصد، أو باتفاق، دخل الضرر منه، بحسب خروجه عن الغرض. من ذلك أن ما عمل من الحبوب المسهلة معجونا، بعسل أو بغيره من الحلاوة، فقد أفسد، وصار يضر ضررا عظيما، لأن الحبوب ركبت حبوبا معجونة بمياه فقط، ليمكن جفافها، وعملت حبا لتبقى فى المعدة، فتجذب إليها بقواها الأخلاط، ولا تنفذ، وهى حادة، إلى الأعضاء، فتهتكها، ولهذه العلة لم يخلط بها شئ من الحلاوة، لأن الأعضاء، لميلها، واستلذاذها للحلاوة، تجذبها إليها، فتجذب معها الأدوية الحادة التى تقع فى هذه الحبوب. وهذه الحبوب هى حب الأسطمحيقون وحب القوقايا وحب المقاصل، وما جانس هذه مما يقع فيه المحمودة، وشحم الحنظل، والسيرم، وما سوى هذه من الأدوية المسهلة الحادة.
〈و〉من التغيير لصور أدوية مركبة أيضا الداخل منه الضرر العظيم، ما عمل من الحبوب المسهلة الحادة حبا صغارا، كصغار الفلفل، لينحل بسهولة، وتنقى منه المعدة والأحشاء بسرعة. فإن جهل الطبيب علم هذه العلة، فعمله حبا كبارا، طال مكثه ، ولم ينحل بسرعة، وحل فوق مقدار الحاجة، وربما أفسد بحدته الأعضاء التى يطول مكثه فيها.
وبضد ذلك ما عمل من الحبوب التى أمر الأطباء يعملها كبارا كالحمص، ليطول مكثها، ولتبقى، فتصل قواها إلى الدماغ الذى قصد لتنقيته بها. وهذه هى حب الشييار، وحب الدهب، والأيارج. فإن الذى لا يعلم لم عملت كذلك، متى عملها صغارا، لم تبلغ له ما أراده، وقصرت عن عملها. وكذلك مجرى الأمر فيما عمل من الأدوية ناعما، وقد أمر الأطباء بعمله جريشا من السفوفات والجوارشنات.
Sayfa 98