Hekimin Adabı Kitabı
كتاب أدب الطبيب
Türler
ولولا أن محنة الأطباء واجبة، ونفعها ظاهر، لما وضع القدماء فيها كتبا، يحثون بها أهل القدر، والسلاطين على الناس، وأفاضلهم، على تعليمهم أولادهم هذه الصناعة، ليقدروا أن يفرقوا بين أهلها، والمدعين لها، لكى لا يسلموا نفوسهم إلى من لا يستحق ذلك، كالذى وضعه جالينوس من طرق محنة الأطباء، فى كتابه الذى ألفه لذلك. وقد ألف غير جالينوس فى ذلك كتبا. 〈و〉لولا أنى قد تضمنت إثبات جمل ذلك فى باب من هذا الكتاب، لكان 〈يجب〉 أن أرشد إلى تلك الكتب، أعنى من التمس ذلك، وخاصة وقد كتبت أنا رسالة إلى بعض من تولى أمور بلد الرقة، بإلزام ألزمتيه فى ذلك، وصفت له فيها كيف ينبغى أن يمتحن الطبيب. غير أنى أذكر من ذلك هاهنا جملا، ليكون ما تضمنته قد وفيت به، وليكون غرضى تاما كاملا.
فأقول: أما بعد ما قد وضح من الأسباب الموجبة لامتحان الأطباء، فإنه ينبغى أن ينظر كيف ينبغى أن يمتحن الأطباء. وأول ما ينبغى أن يمتحن به المدعى لصناعة الطب، هو أن يسأل على رأى أى فرقة هو من فرق الأطباء. فإن من جوابه، يبين هل يعلم كم أجناس فرق الأطباء، أم لا، وما الذى تراه كل فرقة، وما الفروق التى بين الفرق. ومن ذلك يبين أيضا منه، هل علم، إلى كم نوع ينقسم كل جنس من أجناس الفرق، وفيما اتفقت الفرق، وفيما اختلفت. ولأن الطبيب لا يسعه جهل ذلك، ولا يجوز له الخروج عنه، فلذلك صنف جميع ذلك الفاضل جالينوس فى كتاب عنونه بكتاب فرق الأطباء، وجعله أول ما يقرأ من كتبه.
ثم إذا وقع الجواب منه بتحصيل، وانفرد برأى أى فرقة من الفرق، إما برأى أصحاب التجارب، وبمذهب من مذاهبهم الخمسة، وإما برأى أصحاب الحيل، وإما برأى أصحاب القياس، فيجب أن يسأل أى أجزء الصناعة ينتحل، إذ كانت الصناعة أعظم مقدارا، من أن ينالها الإنسان فى مدة عمره، كما قال الجليل بقراط: العمر قصير، والصناعة طويلة. ولذلك يكون من ادعى جملتها، من الجهل، بحيث لا يحتاج أن يمتحن،؟ 〈و〉لا يفتش عن عمله.
فأما إذا ادعى جزءا منها، فيجب أن يسأل عنه: أى جزء هو الذى أحكمته، وقرأت كتبه، وخدمت فيه؟ ولأن لصناعة الطب جزئين أولين، أحدهما علمى، والآخر عملى، فلذلك ينبغى أن يعلم، هل توفره على أحدهما فى الجزء الذى يدعيه من صناعة الطب، أم توفره عليهما.
Sayfa 142