إنها جزء، بل الجزء الأكبر والأعم، من مؤلفاته، أليس الواقع أن كلا منا يؤلف نفسه، ويكون شخصيته، ويعين أهدافه، قبل أن يؤلف كتابا؟ بل أليس الكتاب هو ثمرة الشخصية؟
ولقد فخر شوقي في إحدى مقدماته بأنه عربي يوناني تركي شركسي قوقازي! وأنا بعيد كل البعد عن أية دعوى عنصرية، بل لا أفهمها، ولكن شوقي حين كتب هذه الكلمات، وسجل على نفسه أنه غير مصري، كان يعرف ويحس ويوقن أننا - نحن المصريين - كنا مدوسين، على رءوسنا وحل، وفي قلوبنا يأس، وكان مصطفى كامل يحاول أن يرفع عنا هذا اليأس بقوله: لو لم أكن مصريا لوددت أن أكون مصريا.
فكان يجب على شوقي أن ينسى أنه أجنبي في دمه، ولكنه لم ينس، لماذا؟
الجواب: أنه لم يبال أن يكون مصريا.
ثم هو سب عرابي أكبر شخصية في تاريخنا في الألف سنة الماضية، وكره منه قوله للخائن توفيق: «لسنا عبيدا.»
ومدح الفاسقة كليوباطرة، وقال عن العدو السابق فاروق:
فاروق يا ابن خير أب
وأرفع اسم في العرب
ليس على الأديب أن يبالي كثيرا الجناس والطباق؛ لأن صناعته الأصلية هي الحرية والكرامة والإنسانية والشرف، وقد كان توفيق، مثل من جاءوا بعده، يطارد كل هذه الصفات في مصر؛ ولذلك لا يمكن أن يمدح هؤلاء شاعر أو أديب، ثم يزعم بعد ذلك أنه شريف، وقد مدحهم شوقي وغيرهم من المنافقين. •••
كنا منذ 1882 نكابد الاستعمار البريطاني والاستبداد المصري، أي كنا نكابد أثقالا كأنها الجبال، وكان الشعب في التراب، مغموسا في الطين، تأكل الديدان أفراده وهم يمشون موتى كأنهم أحياء.
Bilinmeyen sayfa