هذا شيء من الحوار الذي يدور بين الزوجين. وهو كما يرى القارئ ينتهي بامرأة، هي زوجة وأم، بأن ترفض الزوجية والأمومة كي تبدأ بتربية نفسها حتى تكون إنسانا.
ولكن كيف يكون ذلك؟
إن الدرامة تنتهي بإيصاد الباب بعد خروجها. ولكن إلى أين تذهب «نورا»؟ وما هو برنامجها في تربية نفسها؟
ستذهب بلا شك إلى أحد المصانع أو المكاتب كي تتعلم وتعمل وتكون لنفسها شخصية جديدة كانت إلى الآن فانية في الزوج والأولاد. ولا بد أنها ستلقى المصاعب وتكابد المشقات في هذا الطريق الوعر الجديد، ولكن هذه الشخصية التي تنشدها لن تتربى إلا بهذه المصاعب وبما تتعلمه من الفشل والنجاح.
وهذه هي المرأة الأوروبية الجديدة. و«إبسن» هو لذلك حجر الزاوية في الأدب الأوروبي الجديد، وخاصة الأدب الأمريكي والإنجليزي. و«نورا» التي كانت خيالا وأملا يتحرك على المسرح في 1890 هي الآن حقيقة، نرى من أشباهها الآلاف في لندن، ونيويورك، وبرلين، كما نرى أن المسرح، بها وبأمثالها، قد أصبح مدرسة لدرس الحياة.
وقد ألف «جرانت ألين» الأديب الإنجليزي قصة «المرأة التي فعلت» على هذا النمط؛ أي إن بطلة القصة امرأة ترفض الزواج الذي يحرمها من استقلالها، ثم تعيش كادحة تعمل وتكسب فتربي شخصيتها وتصون حريتها. وهو بالطبع كان متأثرا بدراما «بيت عروس». وقد ألف «فكتور مرجريت» الأديب الفرنسي المعروف قصة «الفتاة الغلامية» متأثرا أيضا بالغاية التي رمى إليها «إبسن».
والمرأة الأوروبية عامة، والمرأة الأمريكية والإنجليزية خاصة، قد أصبحت تتجه نحو استقلالها وتكوين شخصيتها كما تتجه نحو الزواج والعائلة؛ نعني بذلك أن استقلالها لم يمنعها من الزواج وإنما رفعها من الأنثوية إلى الإنسانية.
اثنان من الرواد
ليس من الممكن أن نذكر جميع الأدباء الذين ساهموا في حركة التجديد الإنجليزي. وكل ما نستطيعه أن نذكر الأعيان. وقد يكون في الترجمة المفصلة المسهبة لواحد من هؤلاء الأعيان ما يبصر القارئ بالنزعات التجديدية، ويقفه على أسبابها، أكثر مما يكون في إيراد التراجم المختصرة، وسرد الأسماء والمؤلفات.
ولكن الاقتصار على ترجمة أو ترجمتين، مع ما فيه من الفائدة إذا عمدنا إلى الإسهاب والاستيفاء، لا بد أن يرافقه نقص في الإحاطة بجملة المجددين. وهو نقص نضطر إليه على سبيل التضحية.
Bilinmeyen sayfa