وقال الأشعث: كنت عند الحسن حتى دخل عليه رجل مصفر كأنه من أهل البحرين، فقال: يا أبا سعيد! إني أريد أن أسألك عن الولاة، فقال الحسن: سل عما بدا لك، فقال: ما تقول في أئمتنا هؤلاء؟ قال: فسكت مليا ثم قال: وما عسى أن أقول فيهم، وهم يلون من أمورنا خمسا: الجمعة، والجماعة، والفيء، والثغور، والحدود؟ والله ما يستقيم الدين إلا بهم، وإن جاروا، وإن ظلموا، والله لما يصلح الله بهم أكثر مما يفسدون، والله إن طاعتهم لغبطة، وإن فرقتهم لكفر.
قال: فقال الرجل: يا أبا سعيد! والله إني لذو مال كثير، وما يسرني أن يكون لي أمثاله، وأني لم أسمع منك الذي سمعت، فجزاك الله عن الدين وأهله خيرا.
وسئل الحسن عن الحجاج، فقال: يتلو كتاب الله، ويعظ وعظ الأبرار، ويطعم الطعام، ويؤثر الصدق، ويبطش بطش الجبارين.
قالوا: فما ترى في القيام عليه؟ فقال: اتقوا الله، وتوبوا إليه يكفكم جوره، واعلموا أن عند الله حجاجين كثيرا.
وكان يقول: هؤلاء -يعني الملوك- وإن رقصت بهم الهماليج، ووطئ الناس أعقابهم، فإن ذل المعصية في قلوبهم، إلا أن الحق ألزمنا طاعتهم، ومنعنا من الخروج عليهم، وأمرنا أن نستدفع بالتوبة والدعاء مضرتهم، فمن أراد به خيرا، لزم ذلك، وعمل به، ولم يخالفه.
Sayfa 118