Dünya ve Din Adabı

El-Maverdi d. 450 AH
79

Dünya ve Din Adabı

أدب الدنيا والدين

Yayıncı

دار مكتبة الحياة

Baskı Numarası

الأولى

Yayın Yılı

1407 AH

Yayın Yeri

بيروت

Türler

Tasavvuf
الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ: نِعَمُ اللَّهِ أَكْثَرُ مِنْ أَنْ تُشْكَرَ إلَّا مَا أَعَانَ عَلَيْهِ، وَذُنُوبُ ابْنِ آدَمَ أَكْثَرُ مِنْ أَنْ تُغْفَرَ إلَّا مَا عَفَا عَنْهُ. وَأَنْشَدْت لِمَنْصُورِ بْنِ إسْمَاعِيلَ الْفَقِيهِ الْمِصْرِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: شُكْرُ الْإِلَهِ نِعْمَةٌ ... مُوجِبَةٌ لِشُكْرِهِ فَكَيْفَ شُكْرِي بِرَّهُ ... وَشُكْرُهُ مِنْ بِرِّهِ وَإِذَا كُنْت عَنْ شُكْرِ نِعَمِهِ عَاجِزًا فَكَيْفَ بِك إذَا قَصَّرَتْ فِيمَا أَمَرَك، أَوْ فَرَّطْت فِيمَا كَلَّفَك، وَنَفْعُهُ أَعْوَدُ عَلَيْك لَوْ فَعَلْته. هَلْ تَكُونُ لِسَوَابِغِ نِعَمِهِ إلَّا كَفُورًا، وَبِبِدَايَةِ الْعُقُولِ إلَّا مَزْجُورًا؟ وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَهَا﴾ [النحل: ٨٣] قَالَ مُجَاهِدٌ: أَيْ يَعْرِفُونَ مَا عَدَّدَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ نِعَمِهِ وَيُنْكِرُونَهَا بِقَوْلِهِمْ أَنَّهُمْ وَرِثُوهَا عَنْ آبَائِهِمْ وَاكْتَسَبُوهَا بِأَفْعَالِهِمْ. وَرُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ قَالَ: «يَقُولُ اللَّهُ يَا ابْنَ آدَمَ مَا أَنْصَفْتَنِي أَتَحَبَّبُ إلَيْك بِالنِّعَمِ وَتَتَمَقَّتُ إلَيَّ بِالْمَعَاصِي. خَيْرِي إلَيْك نَازِلٌ وَشَرُّك إلَيَّ صَاعِدٌ كَمْ مِنْ مَلَكٍ كَرِيمٍ يَصْعَدُ إلَيَّ مِنْك بِعَمَلٍ قَبِيحٍ» . وَقَالَ بَعْضُ صُلَحَاءِ السَّلَفِ: قَدْ أَصْبَحَ بِنَا مِنْ نِعَمِ اللَّهِ تَعَالَى مَا لَا نُحْصِيهِ، مَعَ كَثْرَةِ مَا نَعْصِيهِ، فَلَا نَدْرِي أَيَّهُمَا نَشْكُرُ، أَجَمِيلَ مَا يَنْشُرُ، أَمْ قَبِيحَ مَا يَسْتُرُ. فَحَقَّ عَلَى مَنْ عَرَفَ مَوْضِعَ النِّعْمَةِ أَنْ يَقْبَلَهَا مُمْتَثِلًا لِمَا كُلِّفَ مِنْهَا وَقَبُولُهَا يَكُونُ بِأَدَائِهَا، ثُمَّ يَشْكُرَ اللَّهَ تَعَالَى عَلَى مَا أَنْعَمَ مِنْ إسْدَائِهَا. فَإِنَّ بِنَا مِنْ الْحَاجَةِ إلَى نِعَمِهِ أَكْثَرَ مِمَّا كَلَّفَنَا مِنْ شُكْرِ نِعَمِهِ. فَإِنْ نَحْنُ أَدَّيْنَا حَقَّ النِّعْمَةِ فِي التَّكْلِيفِ تَفَضَّلَ بِإِسْدَاءِ النِّعْمَةِ مِنْ غَيْرِ جِهَةِ التَّكْلِيفِ، فَلَزِمَتْ النِّعْمَتَانِ وَمَنْ لَزِمَتْهُ النِّعْمَتَانِ فَقَدْ أُوتِيَ حَظَّ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَهَذَا هُوَ السَّعِيدُ بِالْإِطْلَاقِ. وَإِنْ قَصَّرْنَا فِي أَدَاءِ مَا كُلِّفْنَا مِنْ شُكْرِهِ قَصَرَ عَنَّا مَا لَا تَكْلِيفَ فِيهِ مِنْ نِعَمِهِ، فَنَفَرَتْ النِّعْمَتَانِ وَمَنْ نَفَرَتْ عَنْهُ النِّعْمَتَانِ فَقَدْ سُلِبَ حَظَّ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، فَلَمْ يَكُنْ لَهُ فِي الْحَيَاةِ حَظٌّ وَلَا فِي الْمَوْتِ رَاحَةٌ، وَهَذَا هُوَ الشَّقِيُّ بِالِاسْتِحْقَاقِ. وَلَيْسَ يَخْتَارُ الشِّقْوَةَ عَلَى السَّعَادَةِ ذُو لُبٍّ صَحِيحٍ وَلَا عَقْلٍ سَلِيمٍ. وَقَدْ قَالَ اللَّهُ

1 / 93