Dünya ve Din Adabı

El-Maverdi d. 450 AH
35

Dünya ve Din Adabı

أدب الدنيا والدين

Yayıncı

دار مكتبة الحياة

Baskı Numarası

الأولى

Yayın Yılı

1407 AH

Yayın Yeri

بيروت

Türler

Tasavvuf
أَنْ يَتَعَلَّمَ مِنْ أَحَدٍ. وَاعْلَمْ أَنَّ لِكُلِّ مَطْلُوبٍ بَاعِثًا. وَالْبَاعِثُ عَلَى الْمَطْلُوبِ شَيْئَانِ: رَغْبَةٌ أَوْ رَهْبَةٌ، فَلْيَكُنْ طَالِبُ الْعِلْمِ رَاغِبًا رَاهِبًا. أَمَّا الرَّغْبَةُ فَفِي ثَوَابِ اللَّهِ تَعَالَى لِطَالِبِي مَرْضَاتِهِ، وَحَافِظِي مُفْتَرَضَاتِهِ. وَأَمَّا الرَّهْبَةُ فَمِنْ عِقَابِ اللَّهِ تَعَالَى لِتَارِكِي أَوَامِرِهِ، وَمُهْمَلِي زَوَاجِرِهِ. فَإِذَا اجْتَمَعَتْ الرَّغْبَةُ وَالرَّهْبَةُ أَدَّيَا إلَى كُنْهِ الْعِلْمِ وَحَقِيقَةِ الزُّهْدِ؛ لِأَنَّ الرَّغْبَةَ أَقْوَى الْبَاعِثَيْنِ عَلَى الْعِلْمِ، وَالرَّهْبَةَ أَقْوَى السَّبَبَيْنِ فِي الزُّهْدِ. وَقَدْ قَالَتْ الْحُكَمَاءُ: أَصْلُ الْعِلْمِ الرَّغْبَةُ وَثَمَرَتُهُ السَّعَادَةُ، وَأَصْلُ الزُّهْدِ الرَّهْبَةُ وَثَمَرَتُهُ الْعِبَادَةُ فَإِذَا اقْتَرَنَ الزُّهْدُ وَالْعِلْمُ فَقَدْ تَمَّتْ السَّعَادَةُ وَعَمَّتْ الْفَضِيلَةُ، وَإِنْ افْتَرَقَا فَيَا وَيْحَ مُفْتَرَقَيْنِ مَا أَضَرَّ افْتِرَاقَهُمَا، وَأَقْبَحَ انْفِرَادَهُمَا. وَقَدْ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ ازْدَادَ فِي الْعِلْمِ رُشْدًا، فَلَمْ يَزْدَدْ فِي الدُّنْيَا زُهْدًا، لَمْ يَزْدَدْ مِنْ اللَّهِ إلَّا بُعْدًا» . وَقَالَ مَالِكُ بْنُ دِينَارٍ: مَنْ لَمْ يُؤْتَ مِنْ الْعِلْمِ مَا يَقْمَعُهُ، فَمَا أُوتِيَ مِنْهُ لَا يَنْفَعُهُ. وَقَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ: الْفَقِيهُ بِغَيْرِ وَرَعٍ كَالسِّرَاجِ يُضِيءُ الْبَيْتَ وَيُحْرِقُ نَفْسَهُ. [فَصْلٌ فِي التَّعَلُّم] التَّعَلُّمُ فَصْلٌ: وَاعْلَمْ أَنَّ لِلْعُلُومِ أَوَائِلَ تُؤَدِّي إلَى أَوَاخِرِهَا، وَمَدَاخِلَ تُفْضِي إلَى حَقَائِقِهَا. فَلْيَبْتَدِئْ طَالِبُ الْعِلْمِ بِأَوَائِلِهَا لِيَنْتَهِيَ إلَى أَوَاخِرِهَا، وَبِمَدَاخِلِهَا لِتُفْضِيَ إلَى حَقَائِقِهَا. وَلَا يَطْلُبُ الْآخِرَ قَبْلَ الْأَوَّلِ، وَلَا الْحَقِيقَةَ قَبْلَ الْمَدْخَلِ. فَلَا يُدْرِكُ الْآخِرَ وَلَا يَعْرِفُ الْحَقِيقَةَ؛ لِأَنَّ الْبِنَاءَ عَلَى غَيْرِ أُسٍّ لَا يُبْنَى، وَالثَّمَرُ مِنْ غَيْرِ غَرْسٍ لَا يُجْنَى. وَلِذَلِكَ أَسْبَابٌ فَاسِدَةٌ وَدَوَاعٍ وَاهِيَةٌ. فَمِنْهَا: أَنْ يَكُونَ فِي النَّفْسِ أَغْرَاضٌ تَخْتَصُّ بِنَوْعٍ مِنْ الْعِلْمِ فَيَدْعُو الْغَرَضُ إلَى قَصْدِ ذَلِكَ النَّوْعِ وَيَعْدِلُ عَنْ مُقَدِّمَاتِهِ، كَرَجُلٍ يُؤْثِرُ الْقَضَاءَ

1 / 48