Dünya ve Din Adabı
أدب الدنيا والدين
Yayıncı
دار مكتبة الحياة
Baskı Numarası
الأولى
Yayın Yılı
1407 AH
Yayın Yeri
بيروت
Türler
Tasavvuf
وَالشَّرْطُ الثَّانِي: مِنْ شُرُوطِ السُّؤَالِ أَنْ يَضِيقُ الزَّمَانُ عَنْ إرْجَائِهِ، وَيَقْصُرَ الْوَقْتُ عَنْ إبْطَائِهِ، فَلَا يَجِدُ لِنَفْسِهِ فِي التَّأْخِيرِ فُسْحَةً، وَلَا فِي التَّمَادِي مُهْلَةً، فَيَصِيرُ مِنْ الْمَعْذُورِينَ وَدَاخِلًا فِي عِدَادِ الْمُضْطَرِّينَ. فَأَمَّا إذَا كَانَ الْوَقْتُ مُتَّسَعًا وَالزَّمَانُ مُمْتَدًّا فَتَعْجِيلُ السُّؤَالِ لُؤْمٌ وَقُنُوطٌ. وَقَالَ الشَّاعِرُ:
أَبَى لِي إغْضَاءُ الْجُفُونِ عَلَى الْقَذَى ... يَقِينِي أَنْ لَا عُسْرَ إلَّا مُفَرَّجُ
أَلَا رُبَّمَا ضَاقَ الْفَضَاءُ بِأَهْلِهِ ... وَأَمْكَنَ مِنْ بَيْنَ الْأَسِنَّةِ مَخْرَجُ
وَالشَّرْطُ الثَّالِثُ: اخْتِيَارُ الْمَسْئُولِ أَنْ يَكُونَ مَرْجُوَّ الْإِجَابَةِ مَأْمُولَ النُّجْحِ إمَّا لِحُرْمَةِ السَّائِلِ أَوْ كَرَمِ الْمَسْئُولِ فَإِنْ سَأَلَ لَئِيمًا لَا يَرْعَى حُرْمَةً، وَلَا يُوَلِّي مَكْرُمَةً، فَهُوَ فِي اخْتِيَارِهِ مَلُومٌ، وَفِي سُؤَالِهِ مَحْرُومٌ. وَقَدْ قَالَ بَعْضُ الْبُلَغَاءِ: الْمَخْذُولُ مَنْ كَانَتْ لَهُ إلَى اللِّئَامِ حَاجَةٌ. وَقَدْ قَالَ بَعْضُ الْبُلَغَاءِ: أَذَلُّ مِنْ اللَّئِيمِ سَائِلُهُ، وَأَقَلُّ مِنْ الْبَخِيلِ نَائِلُهُ. وَقَالَ بَعْضُ الشُّعَرَاءِ:
مَنْ كَانَ يُؤَمِّلُ أَنْ يَرَى ... مِنْ سَاقِطٍ نَيْلًا سَنِيَّا
فَلَقَدْ رَجَا أَنْ يَجْتَنِي ... مِنْ عَوْسَجٍ رُطَبًا جَنِيَّا
وَأَمَّا الشُّرُوطُ الْمُعْتَبَرَةُ فِي الْمَسْئُولِ فَثَلَاثَةٌ. الشَّرْطُ الْأَوَّلُ: أَنْ يَكْتَفِيَ بِالتَّعْرِيضِ وَلَا يَلْجَأُ إلَى السُّؤَالِ الصَّرِيحِ؛ لَيَصُونَ السَّائِلَ عَنْ ذُلِّ الطَّلَبِ فَإِنَّ الْحَالَ نَاطِقَةٌ وَالتَّعْرِيضَ كَافٍ.
وَقَدْ قَالَ الشَّاعِرُ:
أَقُولُ وَسِتْرُ الدُّجَى مُسْبِلٌ ... كَمَا قَالَ حِينَ شَكَا الضِّفْدَعُ
كَلَامِي إنْ قُلْته ضَائِعٌ ... وَفِي الصَّمْتِ حَتْفِي فَمَا أَصْنَعُ
وَرُبَّمَا فَهِمَ الْمَسْئُولُ الْإِشَارَةَ فَأَلْجَأَ إلَى التَّصْرِيحِ بِالْعِبَارَةِ تَهْجِينًا لِلسَّائِلِ فَيَخْجَلُ وَيَسْتَحِي فَيَكُفُّ كَمَا قَالَ أَبُو تَمَّامٍ:
1 / 194