قال استلقى الاسكندر ليلة على سريره فتأمل مطالع البروج واوافلها وانتظام الكواكب فى قطارها وتبين كيف تجرى فى مسيرها وتنعكس فى مغاربها بتدوير الفلك اياها لا يردعه عارض عن مدى غايته ولا يحجزه حاجز دون المضى لطلبته لما رتب له بطبيعته فقل ايها الفلك الدوار المبنى على الحكمة المزين بالانوار المتلألئة ان فضاء تظله لرحيب وإن ركنا انت ذروته لوثيق وإن قرارا انت سمكه لمكين وإن سكانا تحصنوا فيك لفى معقل منيع وان امرا انت اوله لجليل وان* بصر اللامح (a) وراءك لكليل وان حادثا (b) يقتلع اركانك ويخر (c) سقوفك ويميل ذرى بنيانك وبخسف ما تكتنفه محارك لفادح فظيع وان قيامة مبتدأها (d) ذلك لعنيفة (e) فسبحان الذى ادى حواشيك الى غير علاقة وركد عاليك بلا (f) متسنم واقل اسفلك بلا عمد ما ادل كرور ليلك على نهارك ورجوع نهارك بعد انقضاء ليلك على كرور ابداننا بعد انقراضها وادل ارتداد النضارة فى بالى الشجر بعد قحوله على ارتداد الارواح المقبوضة فى اجسامها وادل تقسيط الحساب بين فصول الايام على عدالة الرجعة وعدل حساب الكرة فليت شعرى الى ما يتناهى الامر والى اية الحالتين يؤول بنا الخطب وعلى اينا يجب القود بما اريق بيننا وبين املاك العالم من الدماء*
انشد للمأمون
أما ترى ذا الفلك الدائرا
أبيت من هم به ساهرا
مفكرا فيه وفى امره
فما أرى خلقا به خابرا
يخبر (g) عن لطف تدابيره
وكيف أضحى للورى حاصرا
قد ضل عقلى فى تراكيبه
وصار قلبى والها حائرا
يا ليت شعرى هل أرى مرة
أكون فى أبراجه سائرا
Sayfa 5