بناء الكتاب وموضوعاته
وصف المؤلف كتابه «طريق الهجرتين» في مقدمته بأنه جاء «غريبًا في معناه، عجيبًا في مغزاه». ولوقال: «عجيبًا في مبناه» لكان مصداقَ قوله كتابان من كتبه بصفة خاصة: «مفتاح دار السعادة»، و«أعلام الموقعين عن رب العالمين».
ولا شك أن بناء «المفتاح» أغرب من بناء «الأعلام»، لأن المؤلف ﵀ استطرد في الأول إلى مباحث كبيرة كانت خليقةً بإفرادها، وأمعن في الاستطراد إمعانًا، حتى اضطرّ أخيرًا إلى إنهاء الكتاب دون إكماله حسب خطته المرسومة. أما كتاب «الأعلام» فليست غرابته في الاستطراد إلى مباحث بعيدة عن موضوع الكتاب، بل في إدراج أبواب كبيرة جدًّا، هي من مقاصد الكتاب وصميم الموضوع، تحت فصل لا يدل عنوانه عليها، على سبيل الاستطراد المتسلسل، الذي كلُّ استطراد فيه يفضي إلى استطراد آخر. ومثله كمثل قرية صغيرة، في مدخلها لوحة لا تحمل إلا اسم القرية، فإذا دخلتها أدّاك أحد أزقّتها الضيقة إلى مدينة فخمة واسعة، وبينما تجوِّل في هذه المدينة فإذا بطريق من طرقها نازل إلى نفق طويل مضيء يهجم بك على مدينة جديدة تحت المدينة الأولى أكبرمنها وأفخم!
قبل أن نخوض بك في فصول الكتاب، وترتيب المباحث فيه، ومنعرجات هذا الترتيب، نضع بين يديك البناء العام والموضوعات الكبرى التي اشتمل عليها الكتاب:
- مقدمة الكتاب.
المقدمة / 29