الكتاب بذلك كلِّه فريدًا في بابه، ومنهلا عذبًا لورّاده. ولم يبالغ السيد رشيد رضا إذ قال في وصفه: «لم يؤلِّف مثلَه أحد من المسلمين في حكمة التشريع ومسائل الاجتهاد والتقليد والفتوى وما يتعلق بذلك، كبيان الرأي الصحيح والفاسد، والقياس الصحيح والفاسد، ومسائل الحيل، وغير ذلك من الفوائد التي لا يستغني عن معرفتها عالم من علماء الإسلام» (^١).
وقد طبع الكتاب أول طبعة في دهلي (الهند) سنة ١٣١٣ - ١٣١٤ عن ثلاث نسخ خطية في مجلدين، ثم طبع في القاهرة سنة ١٣٢٥ في ثلاثة مجلدات على نفقة فخر التجار مقبل بن عبد الرحمن الذكير ﵀. وصدرت بعدهاعدّة طبعات أشهرها طبعة الشيخ محمد محيي الدين عبد الحميد ﵀ سنة ١٣٧٤. ثم حقق الكتاب الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان، وصدرت نشرته سنة ١٤٢٣ في سبعة مجلدات عن دار ابن الجوزي بالدمام، وقد بذل جهدًا كبيرًا في إعداد هذه النشرة التي جمع فيهامقدمات الطبعات السابقة وقراءاتها وتعليقاتها، مع تصحيح أخطاء كثيرة من أخطائها. ولكن المحقق لم يوفَّق آنذاك للحصول على نسخ قديمة صحيحة، فاعتمد على نسخ متأخرة لا تصلح للاعتماد، ومن ثم لم يتمكن من إخراج نص الكتاب سليمًا من آفات التصحيف والتحريف. ويبدو للقارئ أحيانًا أن عناية المحقق بالتعليق والتخريج طغت على عنايته بتصحيح النص، فبقي المتن في مواطن كثيرة على خطئه مع وروده صحيحًا في نسخه الخطية أومصادرتخريجه. وبصرف النظر عما ذكرنا كانت خدمته للكتاب جيدة مشكورة، فجزاه الله خيرًا لقاء ما بذل واجتهد.
_________
(^١) مجلة «المنار» المجلد ١٢ (١٩٠٩) ص ٧٨٦.
المقدمة / 4