Modern Çağda İslami Düşüncenin Öncüleri
أعلام الفكر الإسلامي في العصر الحديث
Türler
بنور شعاع الشمس والزهر كالقرط
فهو يؤثر التحول عن بكاء الأطلال إلى التغني بالطبيعة الحية من حوله إيثارا واعيا مقصودا، ويلاحظ على هذه المقطوعة سهولة لغتها وتماسك أبياتها في كل مترابط، وهي صفة عامة تنسحب على معظم إنتاج العطار الشعري ما لم يعمد الرجل إلى التزام الإطار التقليدي للقصيدة العربية، كما كان متداولا عند معاصريه، ويكثر ذلك في شعر المناسبات غاليا. وفي رثاء الشيخ العطار لأستاذه «الدسوقي » نجد نموذجا لهذا الشعر الذي يقوم على المغالاة والاتكاء على التوليدات المنطقية مما يجعله أقرب إلى النظم، وفي نماذج هذا النوع تنتكس وحدة القصيدة فيصبح البيت وحدة قائمة بذاتها؛ كقوله:
عزاء بني الدنيا بفقد أئمة
لكأس مرير الموت كل تجرعا
يمينا لقد جل المصاب بشيخنا ال
دسوقي وعاد القلب بالهم مترعا
بقي من أوجه نشاط العطار الجانب السياسي، والفكرة الشائعة بين من درسوا الرجل وأعماله أنه كان مسالما بطبعه، يلتزم أسلوب العلماء في الآراء التي يبشر بها، أو أنه كان حصيفا كيسا - كما يذهب المرحوم الأستاذ العقاد - فلم يقحم نفسه في مجال السياسة، بل إن الذي يراجع آراء معاصري العطار من الشيوخ يحس أنهم كانوا ينظرون إليه على أنه رجل محمد علي وصنيعته، والواقع أن هذه النظرة إلى نشاط العطار السياسي لها ما يبررها من ظاهر موقف الرجل ورأي معاصريه فيه، ولكنها بعد نظرة من الخارج أو هي نظرة على السطح.
لقد رحل العطار من القاهرة إلى أسيوط فرارا من وجه الفرنسيين أول دخول رجال الحملة الفرنسية القاهرة، وظل هناك حتى هدأت الأحوال واطمأنت النفوس، فعاد مع العائدين، وبدأت صلة العطار بالفرنسيين منذ ذلك التاريخ، وتوثقت هذه الصلة حتى أصبح يفهم عنهم ويتحمس لحضارتهم وعلمهم، ويبشر بضرورة الانتفاع بكل ذلك، ثم يسافر العطار إلى سوريا وتركيا ولا يعود إلا في عهد محمد علي. والراجح أنه خرج مكرها بسبب العسف الفرنسي، أو احتجاجا على إساءة الفرنسيين معاملة المصريين، ويقال إنه ذكر ذلك في بعض رسائله الخاصة.
وفي عهد الحملة بشر نابليون في منشوراته وأقواله بملامح ديمقراطية رائعة، وبلغ ذلك ذروته في الديوان العام الذي هو أشبه ما يكون بمؤتمر عام يضم مندوبي القاهرة والأقاليم للبحث في شكل الحكم والضرائب والقضاة وغير ذلك من الأمور الحيوية، كما نجد هذه اللمحة الديمقراطية تتكرر في الدواوين الخاصة، إلا أن الفرنسيين لم يلبثوا أن فجعوا المصريين في آمالهم التي علقوها بهذه الوعود البراقة؛ ذلك أن الفرنسيين سلبوا هذه المنظمات فاعليتها، وفرضوا الكثير من الضرائب والإتاوات والسلف الإجبارية، بل أزهقوا من الأرواح ما لم يجد معه تدخل أعضاء الدواوين ولا العلماء، مما ضاعف من حنق المصريين على الفرنسيين، وهو ما ترك أثرا حاسما على الحركة القومية الوليدة، وبدهي أن العلماء المثقفين الفاهمين كانوا في طليعة الناقمين، وكان العطار بين هؤلاء في المقدمة، وحسبنا دليلا على غضبة الشعب وعدم انخداعه بوعود نابليون أن الديوان العام انتهى بثورة القاهرة الأولى.
وفي عهد الحملة الفرنسية أيضا ترجم الدستور الفرنسي وأعيد طبعه ثلاث مرات، وكان العطار يتابع الكتب المترجمة، فلا شك أنه قرأ هذا الدستور المترجم ووعاه، ولقد كان العطار بعد معنيا بتقدم البلاد حريصا عليه، وهو صاحب فكرة إرسال الطهطاوي تلميذه الفذ في البعثة العلمية إلى فرنسا في عهد محمد علي، كما كان صاحب فكرة تدوين الطهطاوي لكل ما يرى وما يعن له في أثناء رحلته مما كان ثمرته كتاب «تخليص الإبريز في تلخيص باريز»، فليس من المغالاة في شيء أن نستنتج أن وقوف الطهطاوي عند نظام الحكم الفرنسي، ونقله من الدستور الفرنسي، وإطالته الوقوف عند ما أسماه «جوانب العدل» فيه، إنما يرتد إلى إيحاء أستاذه العطار. ومن هنا يمكن أن نجمل موقف الرجل السياسي في عهد الحملة الفرنسية، في نشاط معاد استوجب نفيه، ثم تنبهه إلى مزايا الديمقراطية الفرنسية وحرصه على أن تنتفع بلاده بها انتفاعا رسم خطوطه العريضة لتلاميذه وعهد إليهم بموالاته. •••
Bilinmeyen sayfa