116

Ebu Nuvas

أبو نواس: الحسن بن هانئ

Türler

والإغراء بالمقارنة يأتي من أوجه الشبه، ومن أوجه الاختلاف بين «الشخصيتين».

فأبو نواس لا يشعر بالكبت فلم يصبه الخبل، ولا يثقل عليه نهي أبيه عن مزاولة فنه، فلم يعجز عن قرض الشعر في حياة أبيه ولا بعد موته.

إلا أن الواضح من سيرة أبي نواس أن الشيطان كان بديلا عنده من المعلم لا من الأب، وكان كل من معلميه الذين طالت عشرتهم له في صباه فاسقا شاذا يتخذ معه شكل الشيطان في تعليمه إياه الفجور والانقياد للشهوات، فوالبة بن الحباب معلمه الشعر زنديق ماجن، وبدر الجهني البراء معلمه العطارة على هذه الخليقة من الفجور والمجون، وقد تقدم في الفصل السابق أن التلميذ النرجسي يتوق إلى أستاذ يكون عنده بمثابة العزيز المدلل

، ويتطلع إلى مكانة خاصة لديه، فهذا الشيطان الذي كان أبو نواس يسميه شيخه هو بديل الأستاذ حين شب عن طوق التتلمذ على والبة الشاعر وبدر العطار.

ولو كان أبو نواس يعاقد الشيطان سرا لاختبله الوسواس، الذي اختبل المصور وأوقع في روعه أنه هنالك ما بقي في يد الشيطان ذلك العقد الموقع بالمداد الأسود، وذلك العقد الموقع بالدم، ولكن أبا نواس كان يحالف الشيطان ويجهر بمحالفته، وكان يلعنه ويحسب أن اللعنة هي التحية المحببة إليه، فسلم من الخبل بالعلانية، وإن لم يسلم من كل عقدة نفسية تتعلق بالنسب كما سنرى في بيان العقدة التي ألجأته إلى إدمان السكر، والهيام بالخمر هيام المتهوس المفتون.

عقدة الإدمان

أبو نواس والخمر

نكرر هنا أن طبيعة أبي نواس لم تكن من الطبائع التي تتسلل إليها العقد النفسية؛ لأنه كان يبوح برذائله ويتكشف بها ويتعمد أن يجبه الناس بها علانية، وإنما تكمن العقدة النفسية في طوية الإنسان، أو تتسلل إليها من الكبت وطول الكتمان.

إلا عقدة واحدة هي الاستثناء لهذه القاعدة وهي عقدة الإدمان. فقد كان إدمانه الخمر هوسا، ولم يكن مجرد عادة أو لذة ذوقية، ولا بد وراء كل هوس من عقدة نفسية.

فما هي هذه العقدة التي أثبت نفسا محصنة من العقد، فغلبتها ولم تفلح فيها إباحته، ولا العلانية التي عاش فيها من طفولته إلى ختام عمره.

Bilinmeyen sayfa