Ebu Müslim Horasani

Curci Zeydan d. 1331 AH
203

Ebu Müslim Horasani

أبو مسلم الخراساني

Türler

على أنه لم يجد حاجة إلى ذلك؛ فبعد بضعة أيام أخر، جاء البشير أن أبا مسلم قادم، فبعث المنصور من يستقبله ويرحب به، ويبلغه سلامه وشوقه، فاطمأن أبو مسلم - وكان لا يزال حزينا كئيبا لارتيابه في هذه الدعوة - فسار في موكبه حتى أقبل على قصر المنصور، فأذن بدخوله فدخل. وكان صالح عنده على وسادة في أحد جوانب القاعة، فتقدم أبو مسلم وقبل يد المنصور، فأظهر ارتياحه وأمره أن ينصرف ويفرج عن نفسه ثلاثة أيام، ويدخل الحمام، فانصرف. وشق هذا التأجيل على صالح مخافة أن يحدث ما يمنعه من قتله، فقال للمنصور: «أرى مولاي يؤجل فيما يدعو إلى المبادرة؟»

فقال: «تركناه ليطمئن قلبه، ثم نرى.»

فلما سمع قوله خشي أن يكون في نيته غير القتل، فقال: «ثم ترى ماذا؟ اقتل، ثم اقتل، ثم اقتل، وإذا لم تقتله قتلك.»

فضحك المنصور وقال: «لا تخف؛ لا يلتقي فحلان في أجمة إلا قتل أحدهما صاحبه.» فاطمأن صالح.

أما أبو مسلم، فمكث ثلاثة أيام لم ير في أثنائها خازنه إبراهيم ولا خالد بن برمك، فاستوحش من غيابهما وانقطاعهما، وعاد إلى هواجسه. وفي اليوم الثالث، جاءه رسول من المنصور، فركب ومعه بعض رجاله. وكان المنصور قد أعد خمسة من حراسه خبأهم خلف الرواق بالسلاح وقال لهم: «إذا صفقت فاهجموا عليه جميعا واقتلوه.» فلما وصل أبو مسلم عند الباب ترجل ودخل منفردا حتى مر بالرواق إلى القاعة، وفي صدرها سرير قد جلس عليه المنصور وحده، وليس في القاعة إلا ذلك الزاهد، وقد جلس جاثيا وأطرق، فلما دخل أبو مسلم حيا، ووقف وقد تقلد سيفه، وعلى رأسه قلنسوة طويلة، فلم يدعه المنصور للجلوس فزاد استيحاشا، فاحتال المنصور قبل كل شيء في أخذ سلاحه منه، فقال له: «أخبرني عن نصلين أصبتهما مع عمي عبد الله.»

فمد أبو مسلم يده إلى سيفه وقال: «هذا أحدهما.»

قال: «أرني إياه.»

فدفعه إليه، فوضعه المنصور تحت فراشه، ثم أقبل يعاتبه عن أمور كثيرة كان قد أساء فيها، وهو يرد ردا جميلا، حتى قال المنصور: «ألست الكاتب إلي تبدأ بنفسك وتخطب عمتي آمنة بنت علي، وتزعم أنك ابن سليط بن عبد الله بن عباس؟ لقد ارتقيت - لا أم لك - مرتقى صعبا.» فكانت هذه العبارة أول ما حرك غضب أبي مسلم، ولكنه كظم غضبه وظل ساكتا وقد تشاغل بإصلاح ردائه على كتفيه، فقال له المنصور: «ما الذي دعاك إلى قتل سليمان بن كثير برغم مناصرته لدعوتنا؛ فإنه أحد فتياننا، وهو الذي أدخلك في هذا الأمر؟»

قال: «أراد الخلاف وعصاني فقتلته.» ولما طال العتاب على هذه الصورة لم يعد أبو مسلم يطيق صبرا فقال: «لا يقال هذا لمثلي بعد بلائي ونصرتي وما كان مني.» يشير بذلك إلى نصرته لدعوتهم. فقال المنصور: «يا ابن الخبيثة، والله لو كانت أمة مكانك لفعلت مثل ما فعلت . إنما عملت ما عملته في دولتنا بريحنا وجاهنا، فلو كان ذلك إليك ما قطعت فتيلا.»

فأحس أبو مسلم بدلائل الغدر في المنصور، ورأى نفسه منفردا هناك، فتقدم إلى المنصور وأخذ بيده يقبلها ويعتذر، فقال المنصور: «ما رأيت كاليوم! والله ما زدتني إلا غضبا.»

Bilinmeyen sayfa