Ebu Müslim Horasani

Curci Zeydan d. 1331 AH
199

Ebu Müslim Horasani

أبو مسلم الخراساني

Türler

قال صالح: «إياه أعني؛ فإن نجمه في أسمى المطالع، ولو استنهض الحجارة لنهضت معه، ولو حارب الأبالسة لغلبهم. هذا الذي يخشى بأسه، ولكنني أرى نجمك أسمى من نجمه، وسعدك أبقى من سعده.»

قال المنصور: «ولا أخفي عنك ما في نفسي من هذا الخراساني؛ فقد كنت أخشاه من أيام أخي السفاح - رحمه الله - فأشرت عليه أن يحبسه فلم يطعني، ولما أفضت الخلافة إلي رأيت منه انحرافا، وبلغني عنه أمور أغضبتني وخوفتني، فاستخدمته في محاربة عمي عبد الله الطامع في الخلافة، وضربت أحدهما بالآخر فمن قتل منهما نجاني الله منه، ففر عمي وفاز أبو مسلم بما في عسكره من الغنائم، فبعثت إليه أطلب الغنائم فغضب وقال: «إني خونته.» وأخبرني الرسول أنه شتمني، فلما رأيت هذه الجرأة خشيت إذا سار إلى خراسان أن يعصاني، فبعثت إليه وهو في الجزيرة أني وليته الشام ومصر، وطلبت إليه أن يأتيني فأجابني جوابا يدل على خوفه مني. وهذا نصه:

لم يبق لأمير المؤمنين - أكرمه الله - عدو إلا أمكنه الله منه، وقد كنا نروي عن ملوك آل ساسان أن أخوف ما يكون الوزراء إذا سكنت الدهماء، فنحن نافرون عن قربك، حريصون على الوفاء لك ما وفيت، حريون بالسمع والطاعة، غير أنها من بعيد حيث تقارنها السلامة، فإن أرضاك ذلك فأنا كأحسن عبيدك، وإن أبيت إلا أن تعطي نفسك إرادتها نقضت ما أبرمت من عهدك ضنا بنفسي. «فلما قرأت كتابه كتبت إليه وأظهرت له أنه مخطئ، فأصر على الامتناع ومضى إلى حلوان، وجاءني منه كتاب جمع بين الاحتجاج والاعتذار هذا نصه:

أما بعد، فإني اتخذت رجلا إماما ودليلا على ما افترض الله على خلقه، وكان في محلة العلم نازلا، وفي قرابته من رسول الله

صلى الله عليه وسلم

قريبا، فاستجهلني بالقرآن فحرفه عن موضعه طمعا في قليل قد نعاه الله إلى خلقه، فكان كالذي ولاني بغرور، وأمرني أن أجرد السيف، وأرفع الرحمة، ولا أقبل المعذرة، ولا أقيل العثرة، ففعلت توطئة لسلطانكم حتى عرفكم الله من كان يحملكم، ثم أنقذني الله بالتوبة، فإن يعفو عني فقد فعل ما عرف به ونسب إليه، وإن يعاقبني فبما قدمت يداي، وما الله بظلام للعبيد.» فأشكل علي أمر هذا الكتاب، فجمعت العرافين منذ بضعة أيام، وطلبت إليهم استطلاع ما في نفس الرجل، فأحسنوا الثناء عليه وقالوا: «إنه تاب عما كان فيه، وإذا أحسنت الظن به وقربته نفعك.» فأمسيت في حيرة من الأمر؛ هل أصدق هؤلاء، أو أظل على عزمي في القبض عليه؟ وكنت أنا في حيرتي هذه أفكر فيك، وأطلب إلى الله أن يرسلك إلي لعلك تطلعني على الصواب.

وكان صالح يسمع كلام المنصور وهو جالس متكئ بكوعيه على فخذيه، ووجهه نحو الأرض كأنه ينظر فيها، فلما فرغ المنصور من كلامه رفع صالح رأسه وقال: «أي العرافين يقول إن الرجل تاب وأن بقاءه ينفعك؟ إن صوت قلبك - يا أمير المؤمنين - أصدق من تكهن العرافين، وخاصة إذا كان فيهم عراف يهودي اسمه حاييم.»

فاستغرب المنصور معرفته ذلك الرجل وقال: «قد لاحظت من حاييم هذا رغبة شديدة في تبرئة أبي مسلم، وإثبات حسن نيته أكثر من سائر العرافين.»

فقال: «لأنه صنيعته، وهو عين له عليك.»

فدهش المنصور لصدق ذلك الزاهد في كل ما قاله، كأن الغيب كتاب مفتوح بين يديه يقرأ منه ما شاء. وكان المنصور قد أساء الظن بذلك اليهودي؛ لأنه لمس فيه الرياء والمكر، فقال: «أظنك على صواب فيما قلت، وسينال هذا اليهودي عاقبة سعيه. فماذا ترى أنت في نية أبي مسلم؟»

Bilinmeyen sayfa