Ebu Müslim Horasani

Curci Zeydan d. 1331 AH
191

Ebu Müslim Horasani

أبو مسلم الخراساني

Türler

فقالت جلنار: «وما هذا الشعر الذي كان له قوة هذا التأثير؟»

فقال صالح: «ليس هو تأثير الشعر، ولكن النفوس مستعدة، والقلوب ملآنة، والشعر حركها؛ لأن الشعر ذكر السفاح بمن قتله الأمويون في أيام دولتهم من الهاشميين. قال ذلك في حضرة السفاح، وبنو أمية على مائدته يأكلون، فأمر بهم فضربوا بالعمد حتى قتلوا، وبسط عليهم الأنطاع فأكل الطعام عليها وهو يسمع أنين بعضهم حتى ماتوا جميعا.»

1

فلما سمعت جلنار ذلك قطعت كلام صالح، ولم تتمالك عن الصياح قائلة: «أعوذ بالله! يا للفظاعة! يغدرون بضيوفهم ثم يأكلون الطعام فوق جثثهم وهم يسمعون أنينهم! إن ذلك لم يسمع بمثله. لقد اقشعر بدني، ووقف شعر رأسي، قبحهم الله من أناس قساة القلوب.»

فقال صالح يعرض بما خطر ببال جلنار من هذا القبيل: «أمثل هؤلاء يركن إليهم أو يرجى الصفح عنهم؟» فسكتت.

ولا تسل عن حال جلنار لما جاءها صالح بخبر مقتل أبي سلمة ، فقد عظم مصابه عندها مثل مصاب والدها؛ لأنه كان يحبها ويكرمها، فسألت صالحا عن سبب قتله، فقال: «وهل تجهلين السبب؟ إن القوم قد شكوا فيه فقتلوه، ونسوا ما كان يبذله من الأموال في سبيل نصرتهم. وهبي أنه كان ضدهم، ألم يكن الصفح أولى بهم لرجل بذل ماله ونفسه في سبيل دعوتهم، بعد أن ملكوا قياد الدولة وصارت الأموال إليهم؟»

فقالت جلنار: «عجبا! إني لم أسمع بمثل هذا البطش والفتك، ولا أظن بني أمية كانوا أشد فتكا من هؤلاء. وكيف قتلوه؟» «فقال صالح بعد أن سمع ما قالته جلنار، يعرض بما خطر ببالها من هذا القبيل: أمثل هؤلاء يركن إليهم أو يرجى الصفح عنهم؟ ...»

فقال صالح: «قد علمت أنهم شكوا في إخلاصه لهم، ولكنه حينما رأى الأمر قد انقضى، بايع في جملة الذين بايعوا، فقدمه أبو العباس وجعله وزيرا - كأنه فعل ذلك ليبتز بقية أمواله - ثم عاد إلى ظنه، فحل قتله عنده، ولم يجرؤ على القيام بذلك بنفسه، فكتب إلى أبي مسلم وهو في خراسان يستشيره في شأنه، فأجابه: «إنه أوجب الشك، واستحق القتل، فاقتلوه.» فلم يجرؤ على قتله خوفا من الخراسانيين الذين معه، فبعث إلى أبي مسلم كي يرسل من يقتله، فأرسل رجلا قتله سرا، وأشاعوا أن بعض الخوارج قتلوه. وهذا هو اعتقاد أهل الكوفة الآن، ولكنني عرفت الحقيقة.»

فبكت جلنار وقالت: «قبحهم الله، ما أقسى قلوبهم! إن أبا سلمة رجل ليس فيهم مثله.»

فقطع صالح كلامها وقال: «وأغرب من ذلك قتلهم سليمان بن كثير، فإن أبا سلمة - كما نعلم - كان ينوي الغدر بالعباسيين، وأما ابن كثير، فأشهد عند الله أنه لم يخطر بباله الغدر.»

Bilinmeyen sayfa