ولا بد أنك تسخر يا سيدي القارئ لغفلة الآباء والأجداد عندما تقارن بين تجاربهم هذه والطرق العلمية المتخذة قاعدة لمعرفة حالة النيل، والتوسل بالسلكي واللاسلكي لمعرفة درجات الفيضان من أعالي النيل حتى «الروضة والمقياس» يوما فيوما، ثم التحكم في المياه وحبسها وتصريفها وتوزيعها بالسنتي والملي ومنعها عن إغراق البلاد.
ولكن «الهندزة» لا تدخل عقول الكثيرين من المؤمنين السذج من أهل هذا العصر، الذين لا يزالون يعتقدون أنه لولا «النقطة» التي يلقى بها الملاك ميخائيل إلى النيل ليلة عيده فلا زيادة ولا نقصان!
الفصل الرابع عشر
الأستاذ براشيا
في رسالة أخيرة لمكاتب «الأهرام» في الإسكندرية أن الأستاذ براشيا، مدير المتحف البلدي، ينوي التقاعد إذا هو عومل بمقتضى التشريع الجديد.
والأستاذ براشيا أحد الشخصيات العاملة في خدمة الآثار المصرية دون ضجة أو تهويش أو إعلان.
ترى اسمه مقترنا على الدوام بكل بحث خاص بالإسكندرية اليونانية الرومانية وآثارها وتخطيطها ومكتشفاتها وجمعية الآثار اليونانية الرومانية ومتحف الإسكندرية البلدي.
بقيت آثار الإسكندرية القديمة مطمورة حتى جاء بونابرت إلى مصر، فعهد إلى العالم سان جنيس بالتنقيب والحفر في مدينة الإسكندر المقدوني.
ثم أهمل البحث حتى سنة 1863، ففي تلك السنة عني الإمبراطور نابوليون الثالث بوضع تاريخ لمدينة ذي القرنين، وسأل الخديو إسماعيل معاونته على إتمام هذا الغرض، فعهد الخديو إلى المرحوم محمود الفلكي باشا بالكشف عن آثار تلك المدينة العظيمة.
فكانت مباحث هذا العالم المصري العظيم فاتحة التنقيب العلمي عن آثار العصر اليوناني الروماني. وكثر عدد المشتغلين بالموضوع والمهتمين به، وأغلبهم من اليونان والطليان والإنكليز، فألفوا جمعية أطلقوا عليها اسم جمعية «الإثنيوم» للدرس والحفر.
Bilinmeyen sayfa