وسراي «الفيغارو» وسط الشانزليزيه من السرايات المشهورة في ذاك الحي العالمي، لا مثيل لها في دور الصحف الباريسية كلها.
نعم أنشئت في المدينة عمارات على الطراز الجديد مثل عمارة الطان وعمارة الانترانسيجان، ولكن سراي «الفيغارو» معروفة عند الجميع بالقاعات الكبرى ذات الأثاث الفخم، حيث يستقبل الملوك والأمراء والعظماء من زوار باريس.
على أن «الفيغارو» وكتاب «الفيغارو» وملاحق «الفيغارو» وسراي «الفيغارو»، لا تعد شيئا يذكر بجانب حكاية «صديق الشعب» التي أحرز فيها المسيو كوتي أعظم شهادة بأنه الصحافي الفراري الذي لا يبارى.
كانت «الفيغارو» ولا تزال صحيفة أهل الطبقة العليا.
فأراد المسيو كوتي أن تكون له إلى جانبها صحيفة شعبية تجمع كل مزايا الصحف اليومية من أخبار وصور ومقالات وتباع بنصف أو ثلث ثمن هذه الصحف، أي إنها تباع بسعر 10 سنتيمات (ورقا) في باريس وضواحيها و15 سنتيما في الأقاليم، في حين أن الصحف الأخرى تباع بثلاثين سنتيما و25 سنتيما.
أعلن المسيو كوتي خبر «المشروع»، فهاج الزملاء والشركاء، وهم جماعة أهل حول وطول وراءهم الشركات المالية الكبرى وعشرات الألوف من الباعة السريحة وأصحاب «الأكشاك» والمتعهدون الأصليون والفرعيون.
فوقف الجميع في وجه المسيو كوتي، وهددوه برفع دعوى أمام المحاكم طالبين منه الامتناع عن إصدار الجريدة وإنزالها إلى السوق بهذا السعر المخفض، ثم بالعطل والضرار والمصاريف و...
بنوا هذه الدعوى على أن المسيو كوتي متضامن معهم في ألا يبيع أحدهم صحيفته بأقل من 25 سنتيما.
فرد عليهم المسيو كوتي بأنه كان متعاقدا بصفته صاحب «الفيغارو»، أما الآن فهو يصدر «صديق الشعب» بصفته «المسيو كوتي» شخصيا.
وفي أثناء نظر هذه القضية، التي حكم فيها لصالحه، وضع الخصوم العراقيل، وأقاموا الحوائل في وجه «صديق الشعب».
Bilinmeyen sayfa