وعني كذلك بطبع الأغاني، وكانت قد عزت النسخ التي طبعت في المطبعة الأميرية وندرت. وعهد إلى الأستاذ محمد مسعود بتحقيق الفهرست والوقوف على طبعه.
وعني كذلك بطبع «الحيوان» للجاحظ، و«المواقف» في علم الكلام، و«مقدمات ابن رشد»، و«البخلاء» للجاحظ، و«رسائل الجاحظ»، وغيرها من كتب الدين والتاريخ والأدب.
ورأى أن البلاد العربية في حاجة إلى خرائط جغرافية ملونة ومحررة بالعربية، فشمر عن ساعد الجد واضطلع بهذه المهمة، ووفقه الله إلى ما قصد. ولا تزال هذه الخرائط دليلا على عزيمة الرجل وجهاده لخدمة العلم.
وأردف الخرائط بمصورات عربية لعلم الأشياء والتاريخ الطبيعي، مدونة كذلك باللغة العربية.
وأعجبت وزارة المعارف بالخرائط والمصورات فقررت إدخالها في المدارس الأميرية.
ولم تلبث قليلا حتى انتشرت في البلاد العربية كلها.
وكان الرجل مع كثرة مشاغله واتساع رزقه ووفرة ماله لا يتأخر عن طلب العلم والاستزادة منه، فلما أنشئت الجامعة المصرية لخمس وعشرين سنة كان أول من أسرع إليها لسماع المحاضرات التي تلقى بها في التاريخ والأدب.
ورأى أن مخازنه بعيدة عن داخل المدينة، ففتح مكتبة في عمارة الأوقاف بميدان العتبة الخضراء، وكتب على مدخلها أسماء مطبوعاته المشهورة.
ولكنها لم تلاق الإقبال الذي كان ينتظره فقفلها، وحل محله فيها يونانيان يبيعان اللبن والحلوى فأزالا أسماء الكتب، وكتبا: اكميك قطايف. مهلبية. غريبة. فطاير. كنافة. بودنج. أرز بلبن.
ونالا ما لم يكن يحلم به السيد الساسي من هجوم الزبائن، ولم تمض عليهما سنوات حتى أثريا، وبنيا الدور والقصور. ثم وسعا دائرة العمل وأنشأا إلى جانب محل الفطائر والألبان قهوة تغص بالزبائن من الفجر إلى ما بعد منتصف الليل.
Bilinmeyen sayfa