Ebu Hanife ve İnsani Değerler
أبو حنيفة والقيم الإنسانية في مذهبه
Türler
وفي هذا يذكر أبو رجاء الهروي أنه سمع أبا حنيفة يقول: مثل من يطلب الحديث ولا يتفقه، مثل الصيدلاني يجمع الأدوية ولا يدري لأي داء هو حتى يجيء الطبيب، هكذا طالب الحديث، لا يعرف وجه حديثه حتى يجيء الفقيه!
32
ومن ثم، يذكر سويد بن نصر أنه سمع ابن المبارك يقول: لا تقولوا رأي أبي حنيفة، ولكن قولوا تفسير الحديث.
33
وأخيرا فإن النتيجة التي استخلصناها من هذا التنقيب والبحث، أنه ليس لباحث منصف أن يرمي أبا حنيفة بأنه كان يترك عامدا بعض ما صح عنده من الحديث والآثار ليأخذ بالرأي والقياس، حاشاه أن يكون فعل شيئا من ذلك؛ وإلا لما كان مؤمنا حقا برسول الله صلى الله وما جاء عنه، بله أن يكون إماما من أئمة الشريعة الإسلامية الخالدين.
غاية ما في الأمر أنه كان بصيرا بالأحاديث والآثار، وكان له أصول وقواعد في «فقه الحديث» - إن صح هذا التعبير - وكان يرجع إليها فيما يأخذ ويدع. ولعل من الخير أن ننقل بعض ما ذكره هذا التعبير - وكان يرجع إليها فيما يأخذ ويدع، ولعل من الخير أن ننقل بعض ما ذكره العلامة الشيخ الكوثري في خاتمته لكتابه الذي ذكرناه فيما قبل وأفدنا كثيرا منه، وذلك إذ يقول:
34
قد تبين مما بسطناه في تحقيق أدلة ابن أبي شيبة في تلك المسائل أن أبا حنيفة كان يأخذ بالأحاديث الصحيحة المستجمعة لشروط الصحة المعتبرة عنده في بيان مجمل الكتاب والسنة، وفيما لا معارض له أقوى: كعمومات الكتاب أو ظواهره، أو الخبر الصحيح المحتف بالقرائن، أو الخبر المشهور أو التواتر.
وعند وجود معارض كهذه يأخذ بالمعارض الأقوى عملا بأقوى الدليلين، فيؤول الخبر الآخر بوجوه تأويل تظهر له مما يستسيغه أهل الفقه في الدين، ويحتم الأخذ بما يبرئ الذمة بيقين عند اختلاف الروايات، ويسعى جهده في عدم إهدار تصرف العاقل بقدر ما يمكن ... ويرعى جانب الفقراء والأرقاء وسائر الضعفاء في الأحكام المختلف فيها، جريا على الرفق بالضعيف المطلوب في الشرع، ويفسر الأدلة المحتملة بما هو في مصلحة من توقع عليه العقوبات أخذا بقاعدة درء الحدود بالشبهات ، ويعتمد على القواعد العامة، باعتبار أن القواعد العامة يقينية في الشرع، وخبر الآحاد الذي له معارض في أدنى درجات النظر. ويميل إلى الأخذ بالدليلين ما أمكن الأخذ بهما، ولا يحمل أحدهما على أنه منسوخ، ما لم يتعذر الجمع بينهما. وعند اضطراره إلى الحكم على أحد الدليلين بأنه منسوخ، يأبى أن يقول بما يستلزم تكرر النسخ حين يرى ذلك خلاف الأصل. وتلك أسس لا غبار عليها في فهم أهل الفقه في الدين.
هذا، وقد بحث الحافظ محمد بن يوسف الصالحي هذا الأمر في كتابه «عقود الجمان في مناقب أبي حنيفة النعمان» ودفع بحق ما اتهم به أبو حنيفة من تركه الأخذ ببعض الأحاديث والآثار، وبين أصوله في ذلك، وهو بحث جيد للصالحي، فيحسن الرجوع إليه والإفادة منه.
Bilinmeyen sayfa